لماذا عصف الغضب بقيادة أوسلو الفتحاوية

 

هيثم الصادق

صحيفة الوطن القطرية 27/6/2006

 

حالة الفزع والتخبط التي أصابت نهج أوسلو بعد العملية الفدائية الجريئة «الوهم المتبدد» كان يمكن أن تجد مسوغات لها لو بقيت في إطار الاستغراب بوصفها جاءت بعيدة عن برنامجهم التفاوضي الذي يستهدف استبدال التنازلات بالمقاومة الوطنية المشروعة، واستنفدوا كل السبل لإقناع الفصائل الفلسطينية بنبذ وسائل المقاومة إلى درجة اعتقدوا معها أنهم كسبوا الجولة وبات الطريق مفتوحاً لتنفيذ أجندتهم التسووية الخاصة ومحاصرة الحكومة الفلسطينية والمقاومة فجاءت العملية البطولية الجريئة لتقلب عليهم الطاولة.

 

كان يمكن أن يفهم استغرابهم في إطار خصوصية نظرتهم للحل السياسي والتي تتمثل بالمراهنة على الضغوط الخارجية في محاولة لتحقيق بعض المكاسب السياسية، رغم أن هذا الأسلوب أكد عقمه وعدم قدرته على إثمار تسوية حقيقية أو حتى وقف العدوانية الإسرائيلية المتواصلة رغم الفترة الزمنية الطويلة على إرساء التهدئة الفلسطينية، لكن أن ينطلق هذا النهج باتجاه التصعيد ضد المقاومة مطالباً بالتحقيق مع كل من يحملهم مسؤولية هذه العملية البطولية واضعاً نفسه أداة لمواجهة بالنيابة عن "إسرائيل" ضد المقاومة الوطنية الباسلة، ومحاولاً تنصيب نفسه سياجاً لحماية أمن "إسرائيل" فذلك ما لا يمكن إيجاد مبررات وطنية له.

 

هذا الموقف في أبعاده الاستدلالية إنما يشير إلى جملة من الأهداف أولها معرفة نهج أوسلو أن روح المقاومة التي يسعى إلى تكبيلها ما زالت حية ومتفاعلة في أعماق الشعب الفلسطيني وأن مثل هذه العملية البطولية الجريئة تسحب البساط من تحت أقدامه بتأكيدها أن المقاومة ما زالت هي النهج الوحيد الذي يمكن أن يفرض ثوابت الشعب الفلسطيني على "إسرائيل"، مما يعمق أزمة العزلة الشعبية التي يعيشها والتي كشفت عنها الانتخابات التشريعية الأخيرة التي يسعى للانقلاب عليها. كما تبطل أوهام تحقيق التسوية مع "إسرائيل" التي أكدت عدم التزامها بأي من بنودها مهما كانت تشكل تنازلات قاسية ومؤلمة على الفلسطينيين كاتفاق أوسلو.

 

العملية البطولية وباعتراف "إسرائيل" أكدت تنامي قدرة المقاومة الفلسطينية نوعياً وتنظيمياً، وجاءت ضد أهداف عسكرية تمثل بوضوح العدوانية الإسرائيلية، ورداً على المجازر البشعة التي ارتكبتها "إسرائيل" في غزة ومناطق واسعة بالضفة الغربية مما يعزز مشروعيتها، ويلجم الرغبة الدفينة التي تنتاب نهج أوسلو لوصمها بالإرهاب، إن الوهم الذي ينبغي أن يتبدد يتمثل في المراهنة على استبدال «السلام التفوضي» بالمقاومة الوطنية المشروعة، وذلك لطبيعة المشروع الاحتلالي العدواني الصهيوني، وهي رسالة رسمها المقاومون الفلسطينيون من خلال هذه العملية الجريئة.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع