لا تدعوا الفاسدين يهربون
عدنان داغر-
2006/2/15
أثلج صدورنا، نحن المواطنون من عامة الناس، ما كشف عنه السيد النائب
العام من وجود نحو خمسين من ملفات الفساد، وجرى نشر اسماء بعضهم، التي
كنا نعرفها، ونعرف اكثر منها، دون ان تجري محاسبتهم على ما اقترفت
ايديهم، ونيلهم العقاب الذي يستحقون، وبالتأكيد هناك ملفات أخرى للفساد،
ربما يصل تعدادها الى المئات، وربما اكثر من ذلك.
وفي الأجواء الجديدة التي اسفرت عنها نتائج الانتخابات الثانية للمجلس
التشريعي، تفاءلنا خيرا، بأن الفاسدين الذين نهبوا اموال الشعب
الفلسطيني، سيواجهون مصيرهم، دون ان يجدوا من يحميهم او يتستر على
جرائمهم. أولئك الذين حرموا المرضى من العلاج، وسرقوا ادويتهم، واستولوا
على حليب أطفالنا وقوت عيالنا، وافرغوا جيوبنا من محتواها، واستغلوا
مراكزهم للتوظيف الوهمي لأفراد أسرهم وأصدقائهم ومحاسيبهم، وابتزوا
المستثمرين وطالبي الوظائف وأصحاب المصالح، واشتروا بتلك الاموال الاراضي
وشادوا العمارات والفلل والسيارات، وانفقوا بغير حساب، على ملذاتهم
ورحلاتهم، وفعلوا كل الموبقات.
واود ان اشير هنا، الى انه ليس فقط المتنفذين في الوظائف الحكومية
والعامة من فعلوا ذلك، بل وفعل ذلك ايضا رؤساء ومديرو منظمات غير حكومية،
واعضاء في المجلس التشريعي، وأصحاب "دكاكين" استحدثت من اجل نهب المال
العام، والذين يجب ان تطالهم المساءلة.
وتدور الكثير من الاشاعات والاقاويل عن فرار، او محاولة فرار بعضهم،
وتهريبهم للاموال الى الخارج، تحسبا من المساءلة القادمة.
اننا نشد على ايدي سيادة الرئيس محمود عباس والنائب العام، وكل من يعنيه
محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، في الاصرار على ان ينالوا جزاءهم،
لنراهم خلف القضبان واسترداد ما نهبوا من اموال، بعد ان صالوا وجالوا
وتبجحوا، واعتقدوا انهم سيبقون سادرين في غيهم الى ما شاء الله!
ولا أعتقد انه غائب عن بال اولي الامر، واصحاب الاختصاص، اصدار التعليمات
بمنع السفر، بل وفرض الاقامات الجبرية وتسليم الجوازات الى اجهزة الامن،
لعدد ممن يقعون في دائرة الشبهة بممارسة الفساد، وافراد عائلاتهم
المقربين، سواء من هم في وظائفهم حتى اللحظة، او اولئك الذين كانوا في
مواقع المسؤولية فيما مضى، ومراقبة حركة تحويل الاموال وسحبها، حتى لا
ينجو فاسد بفعلته.
لقد عذبنا أولئك الفاسدون ونكلوا بنا ايما تنكيل، ونغصوا عيشنا، حتى صرنا
نشك في كل مسؤول ومتنفذ، وأخذنا الصالح بجريرة الطالح، وبينهم أناس
أبرياء بالتأكيد.
لقد أساء اولئك الفاسدون الى سمعة شعبنا، كشعب تحت الاحتلال، يناضل من
اجل حريته واستقلاله وتقرير مصيره، وهم بذلك انما اقترفوا جرائم بحقنا
جميعا.
ومن اجل محاسبتهم جميعا، أقترح اقامة هيئة خاصة لمحاربة الفساد تكون
مرتبطة مع السيد النائب العام، تضم مختصين في الامور القانونية والمالية،
واي صاحب اختصاص يمكن ان يساعد تلك الهيئة في عملها.
كلنا نعرف ما وصل اليه الفساد، وكيف استشرى في حياتنا، وكان ذلك مدار
الحديث بين الناس، همسا او جهرا، ولم نكن نملك سوى التمني بأن يأتي يوم
ينال فيه الفاسدون والمفسدون جزاءهم، وها هي الظروف تهيء المناخ
لمحاسبتهم، فلا تدعوهم يهربون.
|