إباحية الفساد وأوامر الأسياد..!!

جميل حامد

صحافي وكاتب فلسطيني- مدير مكتب الحقائق(فلسطين(
 4/11/2006

الخزينة الفلسطينية فارغة من المال  ومديونة  بمليار دولار حسب التقارير المالية الصادرة من الوزارة الجديدة ... قروض وضمانات قروض أفرغت الخزينة الفلسطينية وجعلت الموظف يمارس طقوسه الحياتية على شاشات التلفاز وسماعات المذياع لمعرفة آخر المستجدات المحيطة بصرف راتبه...والحكومة الجديدة بمجلسها الموسع والمصغر تتعرض لأقسى درجات الضغوط الدولية لإسقاطها أو إدخالها بيت الطاعة من أوسع أبوابه والقصف الإسرائيلي  الجوي والبري والبحري يتصاعد  وتزداد وتيرته يوما بعد يوم على غزة ومدن الضفة الغربية...!!

الخزينة الفلسطينية فارغة من المال والرصاص وحبلى  بالهموم الناتجة عن  السلف الذي يبدو انه لم يبقي ولم يذر  سوى ساحة فلسطينية عاجزة ومدمرة من الأساس حتى الرأس....!! 

أقول مسكينة هي حركة حماس التي ورثت  هذا الكم الهائل من العجز والدمار... أقول أن الوزراء الذين استلموا وزارات  تعج بالعاهات لا يمكنهم بآي حال النجاح في  ظل هذا الضغط العالمي الذي  يتناول حماس كعينة يجري عليها اختباراته الإجرامية... أقول رحمه الله لقد رحل وخلف وراءه موروث يصعب على القضية تحمله بعد أن زالت كل الأقنعة ...!!

أقول أن  الرقيب على المال الأمريكي الذي حرس الموازنات واقرها ووزعها  واقرضها سندات وشيكات واستثمارات هنا وهناك يجلس تحت قبة البرلمان متفرجا على نكبة الملايين أمام العيان ....!!

من يسأل عن إهدار المال العام ... من يتحمل مسؤولية الإفلاس ؟؟؟

الشعب الذي قبل  أن تكون حياته تحت رحمة الحراس أم الرقيب الذي  أصبح علما نبراس أم الوزارة التي  لملمت الفاسدين والأنجاس أم القضاء الذي زج العدل في الأقفاص ...؟؟
 
إفلاس الخزينة الفلسطينية لم يقتصر على المال والموارد بل وصل إلى حد الإفلاس في إقناع الشعب بان  السلطة قادرة على تلبية احتياجات الناس من النواحي الاقتصادية والأمنية والطبية وكل المناحي الحياتية ... فأبو مازن الذي  يعمل على ترقيع الإخفاقات المتوارثة  على الصعيد الحياتي الداخلي محكوم  بالضغوط الفتحاوية التي تبحث عن مكان وبالضغوط السكانية التي تبحث عن الأمان وبالضغوط الحمساوية التي على الرهان وبالضغوط الدولية التي تمارس في كل حقبة و زمان  يقف في واجهة  المجهول القادم الذي  يتهدد مسيرة الفعل الفلسطينية على الأرض .

من الواضح أن الواقع الفلسطيني  يقبع بين خيارين  كلاهما مر و يتمثل أولهما في اتساع دائرة العنف والتصعيد من الاحتلال الإسرائيلي والذي قد يدفع باتجاه تفجر الأوضاع  بشكل غير مسبوق إذا ما استمرت  مؤامرة التجويع لمدى يصعب تحمله ..فيما يقف الخيار الثاني أمام  اتفاق مفاجئ  قد يحدث صدمة لكل الاحتمالات الأخرى  بما فيها القيادات والحركات ....فأيهما أرجح توقعا لا يمكن لأحد التكهن  في ظل الهجمة الإسرائيلية على الفلسطينيين والمقاطعة الأوروبية العربية لهم في الوقت الراهن .!؟

قد يقود إفلاس الخزينة الفلسطينية من المال والردود السياسية ذات التأثير على مجريات الحدث السياسي إلى  اتجاه البعض لترجيح كفة إسقاط حكومة حماس في غضون أشهر قليلة في أقصاها ثلاثة أشهر وقد يقودهم أيضا إلى ترجيح  منح الرئيس صلاحات حكومية استثنائية تتعارض مع برنامج حماس الانتخابي  وترفض تنفيذها  أو الاعتراف بها لكن كلا الاتجاهين  لا يمكن بأي حال  لحركة حماس السماح بحدوثهما  لوعيها التام بان حدوث هذان الأمران تعني بالضرورة نهايتها على ارض الفعل السياسي الفلسطيني والعربي  وهذا ما لا يمكن لحماس أن تسمح بحدوثه ....

من هنا فان الخيارات المرشحة للحصول تصب في دائرة إستراتيجية الأمن التي شكلها شارون قبل عجزه الذي يشبه إلى حد ما عجز الخزينة الفلسطينية فكلاهما يعيشان على الهواء الاصطناعي والمعونات الخارجية عبر قنوات وأنابيب وأجهزة تساعد على بقائهما بنفس الحالة المطلوبة  لتوفير الروحية  للجيش الذي منحه شارون الصلاحيات الكاملة لتنفيذ ما بدأه في غزة وما سينتهي به في الضفة الغربية...بالتالي فان حاجة الجيش الإسرائيلي إلى يعكف على تنفيذ مخططات شارون  بصورة ايهود اولمرت الحالي  تستدعي تسخين الجبهة تميدا للتوصل إلى اتفاق هدنة ووقف نار جديد يأخذ بعين الاعتبار الفصل الجزئي عن الضفة الغربية مع المحافظة على  الاحتلال الأمني لكافة أرجاء الضفة ضمن  تصورات التنسيق الأمني بأوجهه المختلفة ...!!

قد تكون الصورة مختلفة على الأرض الآن وقد تفتح الباب أمام كافة الاحتمالات  لكن الخزينة التي سرقها الوالي بالأمس القريب خلفت  شعب من الشحاذين الذين ينتظرون رحمة  الدول الأوروبية بعد اعتذار عرب البورصة عن الدخول في المزاد  العلني الذي يمثل  حال القضية الفلسطينية في زيها الجديد .... وهنا يبرز السؤال  الذي يجب على كل فلسطيني  الإجابة عليه  هل أنت جاهز  للتوقيع على عقد الخلع الجديد....؟؟

هذا هو استحقاق رغيف الخبز الذي أصبح  عنوان القادم في مسيرة التحرير الفلسطينية..... هذا ما تركه الرقيب الذي يرفع إبهامه اليوم طالبا الإذن للدفاع عن إباحية الفساد التي راقبها بأمر الأسياد 

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع