بأي حق تطالبون بالاعتراف بإسرائيل ؟؟!...
فهل يلدغ الفلسطيني من جحر واحد مرتين

بقلم/ الدكتور يوسف كامل إبراهيم

أستاذ جامعي - جامعة الأقصى-فلسطين –غزة

خلال قراءتنا لكتب التاريخ وجغرافية الكيانات السياسية لم نجد من الانحطاط والدونية والانتكاس  في مرحلة من مراحل  التاريخ مثلما نجده في هذه الأيام ،حيث الدول المتقدمة وممن تدعى الحضارية  تمكن مغتصب ومحتل من أرض غير أرضه فيحتلها ويدمر بنيتها التحتية، ويقتل شيوخها وأطفالها ويجرف أرضيها ومزارعها ، ثم يطلب ممن احتلت أرضهم وسرقت ممتلكاتهم اعترافا رسميا بأحقية هذا المحتل وحقه الدائم في الأرض، ثم تعتبر هذه الدول من يدافع عن أرضه وعرضه وماله إرهابيا، والمحتل الظالم داعي للسلام، والضحية تصبح جلاد في عصر العم سام ، فالاحتلال غير مشروع وفق قرارات الأمم المتحدة، وغير قانوني ولا شرعي كله حسب الشريعة والقوانين الدولية، فالاعتراف بالمحتل جريمة كبرى تعاقب عليه الأجيال ويكتبه التاريخ بمداد أسود، والاعتراف بالمحتل يعني إسقاط للحقوق واعتراف بالواقع، ففي هذه الأيام كثر السجال حول قضية الاعتراف بإسرائيل في المنابر السياسية والإعلامية،وتحاول الكثير من الأطراف الضغط على حماس والحكومة المنتخبة بتقديم الاعتراف بإسرائيل ، فأمريكا الظالمة الغير عادلة والرباعية الدولية المنحازة مع المعتدي المحتل تطالب حركة حماس والحكومة الوطنية المراد تشكيلها الاعتراف بإسرائيل كجواز سفر لدخول الساحة الدولية وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني وتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني ورفع الحصار الاقتصادي والسياسي عن حكومته المنتخبة ،والإفراج عن الأموال المصادرة والمجمدة ، وفك الحصار عن البنوك للسماح لها بتوصيل الأموال للشعب الفلسطيني وقد نسى هؤلاء جميعا الحديث النبوي (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.) فالحديث هذا لفظه خبر ومعناه أمر، أي ليكن المؤمن حازما حذرا لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى، وقد يكون ذلك في أمر الدين كما يكون في أمر الدنيا وهو أولاهما بالحذر أن ينخدع المؤمن بقول كاذب أو عهد منافق بعدما جرب عليه الكذب والخيانة ، وهنا أبضا نستذكر المثل الشائع (أسأل مجرب ولا تسأل طبيب) فكيف بنا كشعب فلسطيني نقبل أن نعترف بإسرائيل ونحن الذين نكتوي بنارها ليل نهار، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي حاصرت وقتلت أبو عمار على الرغم من اعترافه بهم، وهو الذي جمع المجلس الوطني الفلسطيني في غزة لكي يلغي البنود الواردة في الميثاق الوطني الفلسطيني والتي تشير إلى عدم الاعتراف بإسرائيل وقد حصل ذلك ،ولم يحصل الشعب الفلسطيني إلا على مزيد من الدمار والخراب والتجريف والحصار، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي نقضت كل العهود والمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات مع الشعب الفلسطيني ، فهي التي لم تطبق ما اتفق عليه في أوسلو وطابا وشرم الشيخ وواشنطن ومدريد .......ألخ، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي لم تعترف بأي من قرارات الأمم المتحدة ولا الشرعية الدولية، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي لا تعترف بالمنظمات الدولية في الكثير من الأحيان وتعمل على تعطيل عملها على أرض الميدان، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي رفضت المبادرة العربية التي أطلقتها القمة العربية مارس 2002 والتي منعت أبو عمار للخروج من الحصار في المقاطعة والمشاركة في هذه القمة ، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي رفضت خارطة الطريق وتحفظت عليها بأكثر من أربعة عشر تحفظ، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي قتلت أكثر من أربعة آلاف شهيد خلال فترة انتفاضة الأقصى فقط ومنهم قادة الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين وياسر عرفات وأبو علي مصطفى وغيرهم من القادة العظام ، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي تأسر أكثر من عشرة آلاف أسير حتى الآن في سجون المحتل الغاصب منهم من قضى أكثر من خمس وعشرين عام خلف القضبان وفي زنازين انفرادية ومعزولة، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي مازالت لا تسمح بمرضى السرطان والأمراض المزمنة والطلاب وذوي الحاجات بالخروج من على معبر رفح للعلاج من أمراضهم وهي التي تحاصر قطاع غزة برا وبحرا وجوا، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي سببت في تشريد وتشتيت الشعب الفلسطيني في جميع أرجاء العالم وما زال أكثر من خمسة ملايين مشردين في جميع أصقاع الأرض، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي مازالت تحتل فلسطين التاريخية كلها وتحتل وتحاصر الأراضي التي احتلت عام 1967، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي تمنعنا من الوصول إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي لم تقبل حتى الآن الاعتراف بأن لنا حقا  وعلى الأقل في الوجود  وإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلتها في حرب حزيران 1967؟ ، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي ساومتنا على باطن الأرض بعدما أرادت مقاسمتنا سطح الأرض في كامب ديفيد ، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي التي مازلت تبني جدارها العنصري والذي يلتهم أكثر من 15% من مساحة الضفة الغربية وهي التي تعمل على تهويد الأغوار وإقامة المستعمرات عليه، كيف بنا نعترف بإسرائيل وهي المحتل وهي المعتدي وهي القاتل فهل يجوز للضحية أن تعترف بالمغتصب والمعتدي والجلاد ، فلماذا تطالبنا أمريكا والرباعية والثمانية والدول الأوربية وبالاعتراف بإسرائيل ،لأنهم يعرفون عدم شرعيتها بالوجود على أرض فلسطين، ولماذا تطالبنا إسرائيل نفسها بالاعتراف بها لأنها تريد انتزاع اعتراف بها من أصحاب الحق الأصليين ،لأنها مازالت تعيش أزمة الشرعية في الوجود في المحيط التي تتواجد فيه، فبأي حق تطالبون بالاعتراف بإسرائيل بعد كل هذا ، فهل يلدغ الفلسطيني من جحر واحد مرتين.


 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع