بدري يا
سيادة الرئيس!
د.إبراهيم حمّامي
14/03/2006
أخيراً هز سيادته طوله وقرر قطع جولته الأوروبية، على ذمة أبو ردينة
طبعاً، لكن على طريقة المثل القائل: "يطعمنا الحجة والناس راجعة"!
الإعلان جاء بعد أكثر من 12 ساعة من بدء الهجوم الإجرامي على سجن أريحا
المركزي وبعد أكثر من ساعتين على إعتقال أحمد سعدات الأمين العام للجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين ورفاقه وفؤاد الشوبكي والعشرات من المعتقلين
السياسيين، وتحديداً الساعة التاسعة مساءاً بتوقيت فلسطين المحتلة، ترى
ما فائدة قطع الجولة يا فخامة الرئيس و "اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب"، أم
هي لرفع العتب ورداً على انتقادات هذا الموقف المخزي للرئاسة الفلسطينية
وأجهزتها الأمنية؟
سيادة الرئيس الذي فضحته التقارير التي انهالت من عواصم العالم مؤكدة
علمه المسبق هو ومن حوله من بطانة السوء بقرار سحب الفرق الأمنية
البريطانية والأمريكية عبر رسالة رسمية وجهت له بتاريخ 08/03/2006، لم
ينفع معها نفي أو لنقل كذب أبو خوصة باعتباره هذه التقارير عارية عن
الصحة، ولا تصريحات أشاوس وأبطال فتح في رفض هذه التقارير، ليُسقط في
يدهم جميعاً ويعترفوا بهذا الأمر على لسان شعث وعريقات وعلى الهواء وأمام
الملايين.
العودة المظفرة التي أعلن عنها أبو ردينة سبقتها تصريحات لعزام الأحمد،
السياسي البارع والمفكر العظيم، الذي أتحفنا بدرس جغرافيا ليقول أن
الرئيس قرر العودة لكن فيينا "مش فركة كعب" أي ان الأمر يحتاج لوقت، وكأن
12 ساعة لم تكن كافية حتى لإعلان النية فقط بقطع الزيارة، لكن هذه حجج
المفلسين والفارغين سياسياً الذين لا هم لهم سوى التهجم على الآخرين.
ما حدث اليوم كان ظاهرة مؤسفة محزنة مخزية وهي ظاهرة التعري لقوى الأمن
الفلسطينية ومن بعدها تعري قيادة السلطة الباسلة ورموز أوسلو من كل خجل
ليخرجوا ويستمروا في مزاوداتهم الرخيصة، منتفخي الأوداج كعادتهم، بدلاً
من أن يتواروا خجلاً من الاتفاقات المهينة المذلة التي وقعوها ليشرعوا
اعتقال الفلسطيني للفلسطيني بحجة حمايته، وبعد كل ذلك يطالب هؤلاء
الحكومة الجديدة في حال تشكيلها بالاعتراف بتلك الاتفاقات، ألا سحقاً لكم
ولاتفاقياتكم.
بعد كل ذلك تحمل لنا وسائل الإعلام نبأ عقد جلسة أمنية مشتركة فلسطينية
إحتلالية لتهدئة الأمور و"يا دار ما دخلك شر"، ترى أي وقاحة يمتلكها
هؤلاء، وأي مستوى رخيص وصلوا إليه؟
إن أي شخص يعتبر نفسه مسؤولاً ورئيساً لن يتردد لحظة في الاعتراف
بالجريمة التي تمت وعلى فصول بدءاً من الاتفاق والاعتقال، وانتهاءاً
بالعلم المسبق بما جرى وهو ما لم يعد هناك امكانية لنفيه، ولن يتردد من
يملك ذرة شرف وكرامة بالاستقالة فوراً، ووضع نفسه في تصرف المدعي العام
للتحقيق في هذه الجريمة النكراء، أما محاولات التبرير والترقيع والعودة
الإعلامية بعد "خراب مالطا" فهي كعدمها خاصة ل"رئيس" يعجز حتى عن حماية
نفسه ويحتاج الإذن لدخول المرحاض في بيته، ولهذا أكرر وأقول:
ليس أقل من الاستقالة يا عبّاس
|