إلى دعاة التخلي عن الثوابت 

د. أحمد نوفل


في مقابلة لـ«النيوزويك» في عدد 31/1/2006، سألت مراسلة المجلة وزيرة الخارجية الاسرائيلية فقالت: ترعرعت في عائلة متشددة تابعة لحزب الليكود؟ فأجابت: اليوم ذكرى وفاة والدي. لقد جئت لتوي من المقبرة. حيث تعلو شاهد قبره عبارة: هنا يرقد رئيس عمليات الارغون. (تعرّف بها المجلة فتقول: وهي منظمة سرية حاربت من أجل اقامة دولة اسرائيل!) (والتعليق: منظماتهم الارهابية تشكل دولة امر مقبول، ومنظمة تدافع الظالم تشكل دولة غير مقبول في عالم ظالم).

وتواصل الوزيرة: وعلى شاهد قبره أيضاً توجد خريطة «اسرائيل الكبرى».. (ينفون ويثبتون والعرب متحيرون).

ثم قالت: أؤمن بوجود «اسرائيل» تكون موطناً للشعب اليهودي. (القصد واضح، وهو اقصاء الآخر يعني شعب فلسطين).

وتقول: مشاركة حماس في انتخابات السلطة ضد أي نوع من القيم الديموقراطية تماماً. (ومشاركة متطرفيهم هم عين الديموقراطية وأذنها).

ثم قالت: أبو مازن ضعيف لا يستطيع مواجهة المنظمات الارهابية وهناك أهمية ان يقول المجتمع الدولي انه لن يقبل منظمات ارهابية كجزء من تشكيلة أي برلمان أو حكومة» (القوي اذاً من يقمع شعبه. سمعت يا دحلان) هذه مواقفهم حتى اللحظة. لا هوادة. فلماذا قومنا لا يرددون سوى نغمة التنازل والتهاون والتهدئة والتخفيض.. وسائر المعزوفة المعروفة؟

بسيوني: السلام يحتاج الى سياسي قوي مثل شارون

محمد بسيوني رئيس لجنة العلاقات العربية والامن القومي بمجلس (الشورى!) وسفير مصر السابق في (اسرائيل) يقول في مقابلة مع دورية (عربية!)، في رده على سؤال عن تأثير غياب شارون في عملية السلام: «عندما نريد صنع السلام لابد أن يكون ذلك مع رجل قوي. ومصر على سبيل المثال (هو يمثّل) عقدت السلام مع اكثر رؤساء «اسرائيل» تمسكاً بالايديولوجية اليمينية، وهو مناحيم بيجن (لم يقل لنا عن وضع الشخص المقابل)، وحالياً شارون، وهو ابو الاستيطان (!!).. اتخذ خطوات كان من الصعب على أي رئيس وزراء اسرائيلي آخر ان يقوم بمثلها.. (!!)

(يا راجل هو عمل إيه؟)

ثم قال: كل رؤساء وزراء «اسرائيل» سواء من اليمين أو اليسار لديهم خطوط حمر لا يستطيعون تجاوزها، منها على سبيل المثال: عدم العودة الى خطوط 67، ومنها عدم الاعتراف بحق العودة».

ونحن بدورنا لنا مع السفير بسيوني وقفة، وحفنة من الاسئلة (يا عيوني): لماذا نحتاج الى رئيس وزراء قوي في معسكر الاعداء (ان كنتم ترون ذلك) ولا نحتاج الى مسؤول قوي في العالم العربي؟ ولماذا تطالبون أصحاب السقوف العالية بخفضها؟ ولماذا تصرون في العالم العربي على الغاء الثوابت، من الميثاق الوطني الفلسطيني الى ضغوطكم على حماس؟ أهو سلام يمليه أقوياء، أم استسلام يتجرع غصصه الضعفاء؟ وهل قوة شارون لصالحنا يا سي بسيوني؟ أم ان القوي هو الذي يملي على الطرف الاخر الرضوخ، ويظهر انه من جهته قد تنازل، كمثل الانسحاب من غزة، الذي هو اعادة انتشار، مع الاستمرار في الاغتيال والاجتياح واطلاق النار.

ولماذا يمينهم ويسارهم عنده خطوط حمر ومنها عدم اعادة الارض وعدم اعادة من كان على الارض الى الارض، وثوابت أخرى لا تعلنونها (مثل الهيكل والاقصى..)، أقول: لماذا لهم خطوط حمر وكل خطوطكم بيض وخضر؟ ويمينكم ويساركم في ذلك سواء؟ لو كنتم في السياسة والدبلوماسية تملكون أقل خبرة لكان وجود «متشددين» على حد وصف الاعلام العربي (راجع روز اليوسف عدد 3/2/2006) في المقال الافتتاحي بعنوان كبير: الامريكيون والاسرائيليون والاوروبيون يحصدون نتيجة تشجيع التطرف (حماس يعني) واهمال دعم الاعتدال (عباسي يعني). اقول: كان وجود ما تسمونه متشددين يخدم قضية حصولكم على أفضل ما يمكن تحصيله. كما يصنع الصهاينة في المفاضلة بين متشدد منهم وأكثر تشدداً!

حتى أنت مستر بوش؟!

مستر بوش -الاحمق الذي هبطت عليه الحكمة فجأة- يدعو العالم العربي والاسلام الى وقف العنف والمقاطعة ضد الدول التي تمارس حق حرية الفكر والتعبير، وحرية الصحافة ورسم الكاريكاتير. (والذي أعلن في وقت سابق انه مع رئيس وزراء الدنمارك الذي لم يعتذر حتى الآن)

يا مستر بوش.. ان يرسمك الاعلام الامريكي -كله- بآذان طويلة في كل يوم في كل عدد تقريباً هذه حرية صحافة فعلاً. أولاً لانك كذلك. وثانياً: لأنك لست من محور الشر والانجاس فحسب، بل أنت الشر عينه.. والأخرى كذلك.

أما ان تمسوا عقائد الناس، فما لكم وللناس؟ ولماذا الاصرار بعد ان رأيتم النتائج؟ لماذا لم ولن ولا تمارسون حريتكم في الكلام عن المحرقة اليهودية والمخرقة التي فيها وكذبة الارقام يا لعبة الايام؟

ومثلما سمحت لكم حريتكم ان تمسوا عقائد الناس فان حريتنا تسمح لنا ان «ننفطم» عن بضائعكم والبادئ أظلم. وأيضاً، مستر بوش يشتمنا حتى وهو يتظاهر بانه يريد الاطفاء، اذ يقول: «وقف العنف ضد من يمارسون حرية التعبير» كلامه يعني: يا همج يا من لا تفهمون الحرية.. (والله يجازي الذين كانوا السبب!) ونقول في الختام، ما قال العرب في دارج الكلام: ما بقي في القن (خم الدجاج) الا منتوف الذنب! (ممعوط الريش يعني) وسلام على من يعقلون، وسلام على من على ثوابتهم قابضون. وسلام على من هم بالنصر قادمون.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع