بين حانا ومانا ضاعت لحانا
د.عبد الرحيم كتانة -نابلس
بين اخذ ورد واتهام واخر مضاد ضاعت البلاد .هذه الكلمات ,او, ما شابهها
تتردد يوميا على لسان العقلاء من ابناء هذا الشعب الصامد الصابر على المه
وجوعه ومعاناته . لنتصور للحظة ماذا سيكتب التاريخ عن هذا الزمن الرديء
بعد خمسين سنة , اي في ذكرى نكبة جديدة !!فما اشبه اليوم بالبارحة : قبل
خمسين سنة ونيف ضاع الجزء الاكبر من فلسطين , يوم كان الشعب الفلسطيني
منقسما بين نشاشيبي وحسيني , واليوم يضيع ما تبقى امام اعيننا ونحن
منقسمون ما بين فتح وحماس , والاسرائيلي لا يعترف بهذا ولا بذاك . مثلنا
في ذلك مثل ابناء عم يتقاتلون للفوز بعروس لا تريد ولا تفكر باحد منهم ,
ولكنها توهمهم ان من يلبي شروطها سيفوز بقلبها.لقد قلنا ,وقال من سبقونا
ان الفلسطيني مكانه القبر او الترانسفير في برامج الاحزاب الصهيونية
المؤثرة وفي المشروع الصهيوني ككل .وفي خضم الخلافات بين مشروع واخر وراي
واخر يتم قضم الارض والتهامها (كما يلتهم القرد الجبنة ) وبناء
المستوطنات وتجريف البيوت وبناء الاسوار , وهكذا يتم فرض حقائق على الارض
, لنصحوا بعد فوات الاوان فنجد انفسنا خارج القاعة وخارج التاريخ!!!.
واليوم وفي ظل الحصار الخانق على شعبنا وحكومتنا ينشغل الكل بازمات ,تبدو
في جزء منها مفتعل ,ولكن النتيجة الحتمية لها تعبيد الطريق امام العدو
لفرض حقائق جديدة من خلال عملية الانطواء التي تنوي الحكومة الاسرائيلية
تنفيذها .والغريب والعجيب اننا جميعا نتلمس الخطر ونرى الحقائق ولكننا
ننتظر رحمة ربي ورأفة قلوب بوش واولمرت وكأننا اصبحنا ,وقد اصبحنا , خارج
التاريخ وخارج دائرة الفعل ودخلنا ,بارادتنا دائرة التسول والتوسل .لقد
اصبحت ثقافة الاستسلام للامر الواقع هي السائدة في الشارع العربي ويساهم
السياسيون والمثقفون , مساهمة اساسية في ترسيخ هذه الثقافة, والا كيف
يمكن تفسير عملية التحريض من هنا وهناك ضد بعضنا البعض اثر تصريح من هذا
المسؤول او ذاك او اثر تاخير صرف الرواتب للموظفين شهرا او شهرين ( رغم
ان هذه ليست المرة الاولى لتاخير الرواتب ).لماذا هذه " الزوبعة " الان
وبالتحديد ضد هذه الحكومة التي انبثقت عن ديموقراطية حقيقية لاول مرة في
التاريخ العربي الحديث ؟ هل المطلوب اسقاط الحكومة , وبالتالي افهام
الشعب الفلسطيني , ومن يهمه الامر في المنطقة ان الديموقراطية , اذا لم
ترق للحكومة الاسرائيلية والامريكية , فانها مرفوضة .بمعنى اخر يراد
القول لشعوب المنطقة ... احذروا الديموقراطية التي تجر عليكم الويلات
واكتفوا بما من الله عليكم من انظمة ترضى عنها امريكيا واسرائيل .
يجب ان نحذر من عواقب هذه السياسات , سيما ونحن مقبلون على ما يسمونه
حوارا وطنيا اخشى ان يكون مدخلا لتعميم سياسية الرضوخ للامر الواقع , فكل
الحوارات الوطنية السابقة كانت تتم على ارضية تقسيم " الكعكة " وليس
تقسيم المسؤوليات , والوطنية تحولت الى تشريف وليس تكليف.
المعنى ,انه ان الاوان لان ينزل الشعب الفلسطيني الى الشارع ويقول للجميع
... كفى !!
كفى ..... للمزايدات السياسية والاتجار بتضحيات شعبنا وبدماء شهداءه
وجرحاه وبمعاناة اسراه .
كفى للفساد السياسي والاداري والمالي والاخلاقي .
كفى للفوضى " الموجهة والمدعومة " وكأنها تتناغم مع الفوضى الخلاقة
المصنوعة في واشنطن .
كفى صراعا على كعكة وهمية او لعبة رمى بها الاحتلال في وجهنا لنتلهى بها
.
تبا لهذه السلطة .. اذا كنا سنتقاتل عليها ونترك العدو ينهب ارضنا ويفرض
حقائق على الارض لن يكون سهلا الفكاك منها .
الحل ,برأيي المتواضع , هو اعادة بناء منظمة التحرير على اسس سياسية
وتنظيمية جديدة وتسليم مفاتيح السلطة الى مجلس الامن ليتحمل مسؤولياته
اتجاه شعب تحت الاحتلال يتعرض للابادة على غرار ما حصل للهنود الحمر.
واخيرا ...لم اجد خاتمة افضل مما قاله شلومو بن عامي الاكاديمي ووزير
الخارجية الاسرائيلي السابق عن اتفاق اوسلو : ان اتفاقات اوسلو تم بناؤها
على اساس استعمار جديد يعتمد فيها الفلسطينيون على الاسرائيليين الى
الابد "
|