عباس زكي: لن ننسق "خطة الفصل" مع (إسرائيل)..
ولن نسمح بتكرار الظاهرة "الدحلانية"
فلسطين ـ خاص
–
المركز الفلسطيني للإعلام
تمر
حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بعد وفاة الرئيس ياسر عرفات
بمرحلة تسعى فيها للملمة أوضاعها من أجل مواجهة مستحقات مرحلة ما بعد
عرفات؛
ويوجد هناك الكثير من القضايا الملحّة والتي تملي على حركة فتح الإسراع
في معالجتها، ولعل أبرز تلك القضايا، ما شهدته الساحة الفتحاوية من
خلافات وصراعات داخلية رافقتها أعمال قتل وخطف، إضافة لعملية الإصلاح
في ظل انكفاء عمل الهيئات التنظيمية وشللها، وكذلك ضرورة العمل على
بلورة برنامج سياسي يستجيب ومتطلبات المرحلة.
ويشار إلى أن أجهزة السلطة الفلسطينية وحركة فتح قد شهدت قبل أشهر
صراعاً تناحرياً بين تيارين، وقاد محمد دحلان الرئيس الأسبق لجهاز
الأمني الوقائي في غزة والتابع للسلطة الفلسطينية تياراً مناهضاً لياسر
عرفات ، الصراع والذي تجلى في عمليات خطف وقتل وتدمير للمؤسسات الوطنية
لقي استنكاراً شعبياً وفصائيلياً أدى في النهاية إلى إذعان القوى
المتناحرة لإرادة الشارع الفلسطيني، ووقف أعمال الفوضى.
عباس زكي النائب في المجلس التشريعي وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح،
وفي مقابلة مع صحيفة "البيان" الإماراتية يجيب على تساؤلات الشارع
الفلسطيني، والتي يأتي في مقدمتها إضافة إلى لما ذكرناه، الإشاعات التي
تسري كالنار في الهشيم حول تعرّض الرئيس عرفات لعملية اغتيال صهيونية.
حول
هذه القضايا وغيرها، أجرت صحيفة "البيان" الإماراتية في عددها الصادر
يوم (20/11) مقابلة مع عباس زكي النائب في المجلس التشريعي وعضو اللجنة
المركزية لحركة فتح، ونحن في المركز الفلسطيني للإعلام ننشر النص كما
ورد في الصحيفة.
رجح
عباس زكي النائب وعضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني
«فتح» كفة محمود عباس (أبو مازن) كمرشح الحركة لرئاسة السلطة
الفلسطينية مبديا عدم ميله إلى احتمال ترشيح مروان البرغوثي للمنصب
بسبب أسره لدى الاحتلال (الإسرائيلي)، لكنه وعد القيادات الشابة بنصيب
عادل من التمثيل القيادي.
وأكد زكي أن «فتح» على أعتاب مرحلة انبعاث جديد على أسس مؤسساتية ولن
تسمح ببروز ظواهر تمرد داخلية ك«ظاهرة الدحلان» في إشارة إلى وزير
الأمن السابق محمد دحلان الذي أنهى ظاهرته بنفسه.وشدد في هذا الإطار
على أن الرجل الأول على سلم القيادة الفلسطينية هو فاروق قدومي (أبو
اللطف) وأنه هو الذي تنازل لأبو مازن عن رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة
التحرير فيما انتقلت إلى أبو اللطف تلقائيا رئاسة حركة فتح.
وفيما يخص موضوع الساعة قال إن القيادة الفلسطينية تنتظر التقرير الطبي
الفرنسي حول ملابسات وفاة الرئيس ياسر عرفات لتقرر ماذا ستفعل، لكنه
أعلن بشكل حازم: لن ينجح أحد في جرنا إلى صدام مع فرنسا.تاليا المواضيع
الأنفة بالتفصيل في حوار أجرته «البيان» أمس الأول مع عباس زكي خلال
زيارته دبي:
أنا مع رئيس فاعل لا غائب في سجون الاحتلال
ـ لننطلق من موضوع الساعة: حالة الاستقطابات الجارية حاليا داخل حركة
فتح بشأن مرشح الحركة لرئاسة السلطة الفلسطينية هناك معسكران: الحرس
القديم (قيادات فتح القدامى) يدعم محمود عباس (أبو مازن) والحرس الجديد
(القيادات الشابة من أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة) يدعم مبدئيا
الأسير مروان البرغوثي. هذه الحالة برأيك ستفضي إلى اتفاق على مرشح
واحد أم ستفاقم هذا الاستقطاب إلى معسكرات وأكثر من مرشح؟
ـ
اختلف معك منذ البداية، لا توجد معسكرات وإنما تدافع أجيال لم يفتح له
المجال جراء تعطيل مؤتمرات فتح العامة.
البعض ضيع فرصة العام 1996 خلال عقد المجلس الوطني وتم تفويت عقد مؤتمر
الحركة السادس تحت وهم قرب الحل النهائي. واستغرب الحديث عن معسكر يرفض
أبو مازن، فهو ليس محل خلاف، وموضوع الترشيح متروك للبحث داخل اطر
الحركة القيادية وهو رهن بالمتغيرات والمرشح المنافس وغيرها من الأمور.
وأبو مازن نفسه سيكون جزءا من هذا البحث وسينظر في أمر ترشيحه، لكن
ترشيح الأخ مروان البرغوثي أرى أنه مستبعد وليس مطروحا بشكل جدي، فليس
الهدف تعليق القيادة الفلسطينية وإبقائها رهينة الأسر فنحن بحاجة إلى
قيادة حية وفاعلة ومروان في السجن وهو لا يبحث عن ثمن لسجنه وهو مناضل
يدرك المصلحة العليا لشعبنا.
أما
فيما يخص حالة الاستقطاب، فهي إفراز طبيعي كون حركة فتح حركة كبيرة
ولديها مشروع كبير ونحن على أعتاب حقبة سيادة القانون والمؤسسات،
والاستقطاب هنا جزء من الحوار الداخلي كونه ينبني على أسس موضوعية
وحدوية وحس عال بالمسئولية من الجميع وستبقى الحركة رافعة للعمل
النضالي. لقد بدأنا بالفعل حقبة العمل المؤسسي مع تسلم روحي فتوح رئيس
المجلس التشريعي رئاسة السلطة لستين يوما طبقا للقانون الأساسي.
الفراغ الذي خلفه الرئيس الرمز الراحل ياسر عرفات لا يمكن ملؤه سوى
بسيادة القانون والعمل المؤسساتي والحوار الموضوعي الديمقراطي.
ـ نعم لكن البعض يرى في ترشيح البرغوثي وسيلة لإخراجه من الأسر عبر
ضغوط خارجية على (إسرائيل) حال فوزه المتوقع ؟ لكن لا تنسى أن هناك
أعداء يتربصون بنا ولا يكترثون لوضعنا الداخلي. نعم، تعني ألا ضمانات
لأن تقدم (إسرائيل) على إطلاق سراحه، لكن أبو مازن أثار حفيظة تيارات
داخل حركة فتح من ضمنها كتائب الأقصى سيما وأنه أعلن معارضته عسكرة
الانتفاضة ونزع الأسلحة وحصرها في السلطة؟
ـ
الكمال لله، وحركة فتح غابت ردحا من الزمن عن التنظيم والتراتبية
والاستناد إلى النظم والقوانين، وهذا هو السبب للفوضى وتعدد المواقف،
ولو كانت لكتائب الأقصى قيادة واحدة لأجلت موقفها المتسرع، فهذا
الاستعجال والتصريحات الاستباقية لا تليق بثقل حركة فتح. رأيي أن من حق
الكل التعبير عن رأيه ولو أعملنا في الحركة المزيد من التفكير لخرجنا
بموقف متميز لملء فراغ الرئيس الراحل.
ـ آخر ما تم من مشاورات بشأن مرشح فتح للرئاسة ؟
ـ
لم يبحث هذا الموضوع بتاتا، لكننا سنبدأ به منذ يوم الأحد (غدا) عبر
اجتماعات للجنة المركزية والمجلس الثوري بعد المرسوم الرئاسي بتنظيم
انتخابات رئاسة السلطة في التاسع من يناير المقبل. فكل ما انشغلنا به
مؤخرا يتركز حول ملابسات مرض ووفاة عرفات وتخليده عبر تحويل مقره الذي
صمد داخله لثلاث سنوات إلى متحف يضم كل متعلقاته فضلا عن تحويل ضريحه
إلى مزار.
كما
كان شاغلنا الذي لا يقل أهمية هو «فتح» المرحلة المقبلة: إعادة إحيائها
تنظيميا وبلورة سياستها واستراتيجيتها وطريقة تعاطيها مع المشاريع
المطروحة كخريطة الطريق.
لست إطفائياً وعصر المصالحات وترحيل الأزمات انتهى
ـ يطلق عليك من قبل أوساط «فتح» انك رجل الإطفاء، بمعنى الوساطات بين
الفرقاء، هل تعمل على مبادرة توفيقية لحل قضية الاستقطابات في الحركة
حول مرشح الرئاسة ؟
ـ
لست إطفائياً، فلدي أيضا خصوم داخل الحركة. إنا لا أريد إلا أن انتهي
فتحاويا كما بدأت، إلا في حال إنجاز مشروعنا التحرري فعندها يمكن أن
أغادر نحو الامتيازات، واعتز أنني رفضت أن أكون وزيرا. وحتى إبان
انشقاق حركة فتح (1983) شكلت مع نحو ثلاثين شخصية قيادية لجنة مصالحة
حرصا على مستقبل الحركة بعد حرب 1982.
وأذكر هنا أنه قبل يوم من مرض عرفات اصطحبت أبو مازن إلى مقر الرئيس من
أجل المصالحة بعد اقتناص اللحظة المناسبة. كل ما يشغلني هنا هو ترتيب
الوضع الداخلي وطمأنة القيادات الشابة إلى أن لها مكانا في القيادة.
ولا بد من أسلوب تعامل داخلي جديد غير أسلوب المصالحات الذي يعني ترحيل
الأزمات فقط. فالحاجة إلى فتح أكبر من الحاجة إليها لانتزاع منصب
الرئاسة فقط، ونجاحها يعني نجاة القضية الفلسطينية برمتها.
أجل
نحن نأمل بحقبة جديدة من التغيير والعمل المؤسسي...
ـ
اسمح لي بما أنك مصر على هذه النقطة أن أقول التالي: فتح كانت أسيرة
الرمزية، أبو اياد، أبو جهاد، أبو شرار...، وذهب هؤلاء وما بقي من
القيادة القديمة يتوجب علينا أن نحافظ عليه ونستفيد من خبرته من دون
العودة لإعلاء دور الفرد بل المؤسسة.
ـ لنفترض أن فتح رشحت أبو مازن وفاز برئاسة السلطة ومن ثم عقدت الحركة
مؤتمرها السادس وتم انتخاب قيادة شابة جديدة، هل سيكون أبو مازن في هذه
الحالة ممثلا للحركة كرئيس للسلطة وهل تم التحوط من خلال آلية ما لهذا
الاحتمال ؟
ـ
أرجو الأخذ بالاعتبار أننا لا نتحدث بأسلوب الشخصنة، فلا الجيل القديم
هو الذي ينجح أبو مازن ولا الجديد هو الذي يفشله، الحركة ستختار مرشحها
للرئاسة لاعتبارات غير شخصية بل استنادا إلى برنامجه السياسي، وحتى
الحكومة والرئاسة ستكون محدودة بزمن.
ولا
تواجه عقبات مستحيلة لإجراء انتخابات جديدة على عكس صعوبة عقد مؤتمرات
فتح. وأنا أقول لك إن أبو مازن ليس محل خلاف وجدل داخل فتح، بل يمكن أن
يكون المؤهل تماما للمنصب لخبرته وعلاقاته الدولية، وغير صحيح بتاتا
لما يشاع إذ أن هناك العديد من الجيل الشاب داخل الحركة على وفاق معه.
لا تحكموا على فتح الآن فهي تتألق في الأزمات
ـ اسمح لي: باعتراف الجميع هناك حالة استقطاب حادة داخل فتح حول مرشح
الرئاسة بغض النظر عن محاولة التقليل من شأنها، ويقال أن بعض التيارات
في الحركة اشترطت تخلي أبو مازن عن حليفه محمد دحلان وعدم ضمه للحكومة
المقبلة، طبقا لهذه التسريبات هذا ما يحدث، ما حقيقة ما يجري برأيك؟
ـ
برأيي أنه لا ينبغي اشتراط ذلك على الأخ محمود عباس، ولنأخذ اسم دحلان،
هذا الدحلان طالما هو داحل من دون محاسبة، فمن حقه أن يتمتع بحقوقه
الكاملة في عضوية فتح ويحاسب كل من يتفوه ضده بأي كلام، طالما لم يؤخذ
بحقه أي إجراء رسمي فلا يجب اتخاذ مواقف مسبقة ضده.وعلينا أن نحاسب
القيادي القادم استنادا إلى تقاليد جديدة وتقييمات موضوعية لبرنامجه،
واذكر هنا أن هناك من رفضوا اللجنة المركزية والآن يمجدونها.
لا
تحكموا على فتح الآن انتظروا قليلا فهي تتألق في الأزمات، واعتقد أن
أصحاب التجربة النضالية الكبيرة هم من يحق لهم أن يتسلموا المناصب
القيادية لا أصحاب النياشين الخطأ.أؤكد لك أن هذا الشرط غير مطروح على
أبو مازن، وأؤكد أننا لن نسمح ببروز أية ظاهرة تناهض الحركة من داخلها
وستخضع لآليات المحاسبة المناسبة.
ـ دحلان ليس مناهضا للحركة بل هو تيار من داخلها وله قوة على الأرض
وحقق نجاحات في انتخابات فتح في شمال قطاع غزة..؟
ـ
لا الصورة ليست كذلك، بل إن غياب آليات عمل حركة فتح أفسح المجال لأي
كان إن يطرح نفسه قائد تيار وأن يشرح الحركة ومن ثم يعود إلى بيته
مطمئنا.
ـ عفوا أخ عباس زكي، الأمر وصل إلى مصادمات مسلحة على الأرض وقتلى ؟
ـ
على كل حال ظاهرة الدحلان انتهت عندما وضع نفسه جنديا لدى ياسر عرفات
وأعلن أنه ليس مسئولا عما يجري، وحقا فان حالة الفلتان الأمني في غزة
تفوق ما طرحه دحلان من عمليات اختطاف وغيرها. أنا لا أدافع، لكن إن صح
ما تقول حول تيار دحلان، سأرفض وجود ذلك كعضو لجنة مركزية للحركة،
وأقول لك هنا إننا سنضع حدا نهائيا لأي ظاهرة من نوع بروز تيارات ما
داخل الحركة.
ـ كيف ؟ هل ستعيدون العمل بالمحاكم الثورية مثلا؟
ـ
كما قلت إن كانت هناك ضرورة لحركة فتح التي تحرم لوائحها الانتهازية
والنفعية وان لا تكون بالأمس متسولا واليوم من كبار رجال الأعمال. لا
بد من ضبط وربط ورقابة.
ـ وهذا ينتظر المؤتمر العام السادس لفتح ؟
ـ
في فبراير الماضي اتخذ المجلس الثوري للحركة جملة قرارات تنظيمية منها
المؤتمر السادس، وأنا شخصيا طرحت فكرة «الكونفرنس» حال تعذر عقد
المؤتمر بسبب الاحتلال، أي تشكيل مكتب عام من نحو ألف من قيادات الحركة
في مختلف المناطق لمناقشة قضية واحدة فقط هي انتخاب قيادة جديدة بناء
على ما تطرحه أو بناء على برنامجها. كذلك لا بد من مكتب تعبئة وتنظيم
موحد وبفرعين في الداخل والخارج، إذ لا يعقل أن يكون تنظيم فتح في
الضفة الغربية مختلفاً عن التنظيم في قطاع غزة.
الدعوة لاجتماع القيادة في الخارج انفعالية
ـ هذا يطرح تساؤلا جديدا: فاروق قدومي (أبو اللطف) انتخب رئيسا للجنة
المركزية لحركة فتح، وهو في الخارج وكان دعا إلى اجتماع للجنة
التنفيذية لمنظمة التحرير في الخارج، الأمر الذي تم تجاهله، وهو ما
يتزامن مع تيار فتحاوي ينادي بترحيل مركز صنع القرار إلى خارج فلسطين
لتفادي الضغوط (الإسرائيلية) كما حدث مع الرئيس الراحل عرفات. هل هناك
فرصة لهذا الطرح؟
ـ
أولا (إسرائيل) لديها قدرات تجسسية هائلة من أقمار صناعية وغيرها،
وتغيير المكان لن يغير من هذا الأمر، ثانيا الأخ أبو اللطف لم يتم
انتخابه رئيسا للجنة فتح المركزية بل حدث ذلك تلقائيا كونه الرجل
الثاني في سلم القيادة بل إنه في مؤتمر فتح الخامس حصد أعلى الأصوات
وبفارق كبير.أنا اتصلت مع الأخ قدومي فور وفاة الرئيس عرفات .
وأكد لي أنه لا يفكر في العودة إلى رام الله لمعارضته اتفاق اوسلو
وأبلغناه أنه بات الرجل الأول في فتح ومنظمة التحرير على حد سواء، لكنه
ارتضى هو أن يبايع ويبارك لأبو مازن منصب أمين سر اللجنة التنفيذية
لمنظمة التحرير، والأخ أبو اللطف هو قائد كبير ومناضل خبير ودعا إلى
اجتماع لجنة المنظمة لحظة انفعال ربما حين خرج نفر ما ليعلن أن القدومي
تنازل عن صلاحياته لمحمود عباس، وتم توضيح اللبس ومرت الأمور بسلام.
لن ننسق الفصل مع (إسرائيل)
ـ في موضوع آخر أنت تقول انك لا تملك معلومات حول وجود ترتيبات لعقد
لقاء بين أبو مازن وشارون قبل قمة ثلاثية في واشنطن، لكن اللجنة
الرباعية الدولية تعد لمبادرة جديدة تقوم على ربط خطة الفصل الأحادي
بخريطة الطريق، وهذا يستتبع التنسيق مع (إسرائيل) ولقاءات بين أبو مازن
وشارون إضافة إلى استحقاقات الهدنة وجمع الأسلحة من الفصائل، هل انتم
مهيأون لهذا الخطوات الحساسة ؟
ـ
اللقاء مع شارون أو (الإسرائيليين) لا يضير أبو مازن، بل على العكس
يحرج (إسرائيل) التي طالما تذرعت بعرفات لعدم استئناف مسيرة السلام،
ونحن أيضا مؤمنون بعدم وجود مواعيد مقدسة لدى (إسرائيل) وبالتالي فإن
التعاطي مع خريطة الطريق مشروط بجدول زمني وتزامن الخطوات المتبادلة
وضمانات الرقابة الدولية على التنفيذ.
ونذكر هنا أن الخريطة تستند إلى مرجعيات وقرارات الشرعية الدولية على
عكس اتفاق اوسلو، وواهم من يعتقد أن الخريطة هذه ستقود إلى حرب أهلية
فلسطينية. وأعود واكرر إننا لم نرفض أصلا اللقاء مع شارون، بل هو الذي
رفض، وإذا أراد باول توفير سلم لكي ينزل شارون عن الشجرة فليفعل.
ـ وماذا عن ربط الفصل الأحادي بالخريطة ؟
ـ
نحن نرحب بزيارات المسئولين الدوليين، ونحن نعتبر مشاركة وفد اميركي في
التشييع المهيب للرئيس عرفات وأحاديث الرئيس جورج بوش حول مساعدات
مالية انتخابية للسلطة هو بمثابة اعتذار وإعادة اعتبار لعرفات الذي
طافت جنازته ثلاث قارات. نحن مقبلون على مرحلة كسر التفرد (الإسرائيلي)
بالمنطقة، لكن نقولها بصراحة لن نقبل بأي حلول مؤقتة ولا يضيرنا أيضا
أن يتم الانسحاب الأحادي من قطاع غزة من دون أن يترتب علينا أي
استحقاق.
سياسيا أنا اعتقد أن المرحلة المقبلة ستجلب المزيد من الضغوط على
الإدارة الاميركية سواء لجهة توليد الحرب على الإرهاب المزيد من
الإرهاب أو إحساس الرئيس جورج بوش ببحبوحة أكبر وتحلله من ضغوط اللوبي
الصهيوني.لكنني أؤكد هنا أنك لن تجد أي مسئول فلسطيني يقبل تنسيق
الانسحاب الأحادي بصفته هذه مع شارون أو غيره.
لن ننجر إلى صدام مع فرنسا
ـ لننتقل إلى الموضوع الحساس الآخر المرتبط بملابسات مرض ووفاة الرئيس
عرفات، غموض وتضارب تصريحات وشائعات بعضها تحدث عن إجباره على مغادرة
مقره بعد تأكده انه تم تسميمه، والبعض تحدث عن مساومته وهو يحتضر على
التوقيع على التخلي عن حق عودة اللاجئين مقابل ترياق النجاة. طبقا
لمعلوماتك ما الذي جرى بالضبط ؟ من حق الشارع الفلسطيني أن يعرف لم هذا
الدفن السريع وعدم الاستجابة لدعوة تشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة ؟
ـ
ما حدث هو أن أبو عمار عظيم ولكنه في النهاية إنسان، ولو وقفنا كثيرا
أمام نهاية كل عظيم لأصبحت الأمور كارثية. في أول أيام شهر رمضان شعر
بالوعكة وتابعه أطباء فلسطينيون، ولا نذيع سرا بالقول إن أبو عمار عنيد
جدا حتى أنه كان يعتقد أنه هو طبيب نفسه وعاش نمطا لا يصدق من التقشف
وفي غرفة لا يمكن تصور وضعها، نعم كان ظالما لنفسه وتأثر سلبا بظروفه
هذه وأنا شخصيا تجادلت معه لإصراره على الصيام ومكابرته.
بعد
بدء مرحلة التقيؤ أجمع الأطباء الفلسطينيون والمصريون والتونسيون
وطبيبه الأردني الخاص على خروجه إلى باريس وهو ما وافق عليه. هنا
انقطعنا نحن عن أخبار الرئيس بعد دخوله المستشفى بسبب قوانين فرنسا
التي كانت تعتبره رئيسا غير فاعل وأن هناك خلفا له.إلى أن سافر وفد
السلطة من أبو مازن وأحمد قريع ونبيل شعث واستمعوا إلى أطبائه.
ووحده قريع زاره استنادا إلى مسألة نفسية أنه يصعب رؤية رجل في عظمته
في مرحلة النهاية. وصدقني أنا بشكل شخصي لولا الملاحظات التي أثارها
طبيب عرفات الخاص الدكتور اشرف الكردي لما توقفت عند هذا الأمر.وأنبه
هنا إلى أننا لن ننجر إلى صدامات كما يريد البعض مع فرنسا بلد جاك
شيراك الذي ودع عرفات على عربة مدفع، لن ننجر للمحاولات الاميركية
و(الإسرائيلية) لتخريب علاقاتنا مع أوروبا.
ـ أخ عباس زكي، لا بأس فيما تقول، لكن هناك فرضية تسميم تنتشر بشكل
واسع كيف تعاملتم مع هذه الفرضية ؟
ـ
أبو عمار شخصية عظيمة ورمز كبير، ونحن لم نتعامل مع هذا الأمر منذ
البدء بفرضية المؤامرة كما أننا في المقابل لم نتعامل بإغفال وكأن
الأمر لا يعنينا أو نريد التعمية على أمر سري، ولكن لن ننقاد إلى قطع
علاقاتنا مع الأوروبيين وتحويل موت عرفات إلى ويلات علينا بفتح معارك
جانبية.
الخلاصة، نحن ننتظر تقرير الأطباء الفرنسيين وبعدها سنتخذ خطوات بناء
على ما يرد في التقرير.
ـ سؤال أخير: أين وصلت خطط الإصلاح الفلسطينية وكنتم أحلتم إلى النائب
العام بعض ملفات الفساد؟
ـ
شرفني المجلس التشريعي برئاسة لجنة الإصلاح الأخيرة من 14 شخصا وأفلحنا
في إقناع الرئيس الراحل في وضع هذه الخطط وهو ما كان أعلنه أبو عمار في
خطاب أمام المجلس.
ـ لكن عرفات لم يوقع على مراسيم الإصلاح ؟
ـ
نعم وهذا كان خطأ من جانب البعض منا لا من عرفات إذ بروتوكوليا لا يجوز
أن يعلن عرفات توجها ثم يوقع عليه، أما الآن فغاب عرفات وتسلم قريع
رئاسة الأمن القومي وعلى الجميع أن يمارس دوره في هذا المجال.
برامج الإصلاح ستكون على رأس أولوياتنا وسنواصل معالجة ملفات الفساد
التي حولنا بالفعل ستة منها إلى النائب العام، لكننا أولا نحتاج إلى
نظام قضائي متماسك ونتذكر هنا مقولة تشرشل أنه إذا كان القضاء سليما
فالنظام كله بخير.
|