لسنا مالكاً الحزين!!
لا أكاد أصدق ما أسمع!! هل ما يزال الناس في عصرنا وفي بلادنا وفي
وطننا يسخرون من آيات الله ومن القرآن؟! هل صحيح ما تسمعه الأذن من أن
ثمة من يشكك في قصة الجنة والحور العين والمخلدين من الولدان؟! هل
معقول أن يكون على أرضنا من يستخف بالمعتقدات الإسلامية مستخدماً أسوأ
الكلمات؟! وما الهدف من ذلك؟ إضاعة الوقت والتسلية؟ أم اللعب بقناعات
المؤمنين؟ وإشاعة ثقافة الهزيمة، والرضا بما تقدمه أمريكا وإسرائيل من
أعطيات وهبات؟ والقول بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان!!إلى أين تتجه
الأمور في بلادنا؟! كل ما أراه شيء مخيف إذا لم نتداركه بقوة الموقف،
وصلابة الإرادة، وتوحد الكلمة، فقد أصبح واضحاً أن هناك ثقافتين ثقافة
تنحاز إلى الخيار (المسيح الدجال) ، وثقافة أخرى ترضى بالصبر حتى النصر
أو الشهادة، وأنصار المسيح الدجال تقودهم أمريكا التي تحاصر الشعب
الفلسطيني حصاراً محكماً، وتدعم كل من يساند هذا الحصار، وتهدد كل من
يحاول فك هذا الحصار، تهدد البنوك ، وتهدد الدول، وتهدد الشعب بالموت
إذا لم يستجب!! رعاة البقر في آخر الزمان، وأذناب رعاة البقر!! وتطاول
البنيان للحفاة الرعيان، وتطاول اللسان على القرآن!! أمر مخيف لولا ما
يواجهه من ثقافة الإيمان، فهذه امرأة فلسطينية تتبرع بأولادها وهذا رجل
يتبرع بأرضه، وذاك يتبرع ببيته وذاك مدرس يتبرع بمرتبه، وذلك رجل يقف
من الصباح على باب المجلس التشريعي ليتبرع بثلاث ربطات من الورق
الأبيض، لأنه سمع أن هناك أزمة في الورق!! وهذا عامل صابر على أمرّ من
الجمر منذ أكثر من خمس سنوات، وذاك طالب لا يكاد يوفر رسوم دراسته
الجامعية...
هذا هو الفريق الآخر الذي لم يسرق الملايين ولم يعتد على حرمات الإسلام
والمسلمين، ولم يجعل من الوطن شركة استثمارية خاصة!!، ولم يفلسف
العمالة على أنها وجهة نظر ناجعة لحل الأزمة القائمة!! ولم يطعن
الشرفاء ويحرض على المؤمنين الصابرين!!هذا هو الفريق الآخر الأكبر الذي
يلتصق بالوطن، ويرسم بدماء شبابه وأطفاله خارطة كاملة على ترابه، ولا
يهزأ بالزيت ولا بالزيتون ولا يهزأ بالصبر، ولا بالزعتر، لأنها رموز
هذا الوطن المقدس المبارك.هذا هو الفريق الآخر الذي لا يتصيد الفرص
لسقوط الحكومة، وانقلاب الوضع، وعودة المال الأمريكي تحت رحمة القرار
الصهيوني، ولا يعربد على الوزارات والمؤسسات، ولا يحمل السلاح لإرهاب
الضعفاء الأبرياء، ولا يجوب البلدان بحثاً عن باب يسده، وعن طريق يقطعه
، وعن مانح يمنعه، وعن خير قادم يرجعه!!هذا هو الفريق الآخر الذي لا
يؤمن بقدرة الدجال، ولكنه يؤمن بقدرة الله، ولا يرهب فرق الموت ولكنه
يحب فرق الحياة، ويساندها، ويدعو لها بالنصر، ويحيا بكرامة ولا يرضى
العيش بالذل.آن الاوان للتمايز !!،آن الاوان للانحياز الى صف شرفاء هذا
الشعب ،وهذه الامة ،آن لاوان للانحياز الى صف المؤمنين الصابرين ،الذين
لا يعتدون على الاخرين ،ولكنهم على الذل والخيانة لا يصبرون ،ولا
يسكتون.آن الاوان لان يصبح الوطن الممهور بدماء الشهداء وعذابات الاسرى
،وانات اليتامى ،والثكالى هو العنوان الذي ياوي اليه الجميع كلما اشتدت
الازمة ،وطال الحصار .
آن الاوان لان يعرف الجميع اصول اللعبة الخبيثة التي تمارس ضد شعبنا
،وان يستحضر كل طاقاته في مواجهة هذا الحصار ،وان يفتح عيونه على
المؤامرة ،وان لا يسمح بالهزيمة ان تمر في نفوسنا ،ولتكن الذاكرة
الفلسطينية هي العلاج الواقي من مرض الهزيمة فهي ذاكرة غنية بعناصر
الصمود ،وبالتجارب التى كان شعبنا يخرج بعدها دائما منتصرا رغم حجم
الهجمة والتضحيات.آن الاوان لان يفهم العالم بان هجوم الريح على شعبنا
من كل اتجاه لن تجعل منه مالك الحزين ،ولكنها ستجعل من عيونه اكثر حدة
من عيون زرقاء اليمامة ،ولكنه لن يسمح بعد ذلك ان تصاب عيونه بما اصيبت
به عيون زرقاء اليمامة عندما تخلى عنها القريب والبعيد لانه اقوى من
الهزيمة ومن العمى لانه شعب مؤمن اصيل .
صلاح البردويل
|