نبيل عمرو: المجلس
التشريعي كان خلية تنظيمية تابعة لفتح وحماس ينبغي ان
تغير هذه الوضعية
2004-11-25
قال وزير الاعلام الفلسطيني السابق نبيل عمرو انه يشعر بالرضا بعد
مغادرته المستشفي الجامعي في ميونيخ بعد اكثر من ثلاثة اشهر امضاها في
العلاج
واجريت له خلالها عشر عمليات جراحية، الا انه أكد انه لن يتراجع عن حقه
في ملاحقة القتلة الذين حاولوا اغتياله وهو جالس في منزله برام الله في
اب (اغسطس) الماضي. وقبيل بدء الحوار معه اصر علي ان يمشي بضع خطوات في
بهو الفندق بابوظبي ليؤكد انه استعاد عافيته ولكن بقدم صناعي زرعه له
الاطباء الالمان.
واوضح في اول حديث يدلي به بعد خروجه من المستشفي انه قدم الي الامارات
مباشرة من المانيا، قبل السفر الي فلسطين لتقديم الشكر الي انجال الشيخ
زايد رئيس دولة الامارات الراحل الذين تكفلوا بعلاجه في المانيا .
واشار عمرو خلال اللقاء الذي جري في ابوظبي بحضور نجله مروان الي انه
عندما اعتدي علي ظلما فقد كان اعتداء ضد حرية الكلمة، وفي الامارات من
يقدر حرية الكلمة، ولذلك فان علاجي في المانيا بمبادرة اماراتية لم تكن
لفتة انسانية فحسب وانما كان لها علاقة بالحضارة والثقافة والانسانية .
وقال سوف اظل احتفظ في قلبي بهذه المبادرة التي بعد الله اعادتني الي
الحياة .
وروي قصة محاولة الاغتيال باختصار لقد كان المسلح مختبئا بجوار سور
منزلي في رام الله وفيما كنت جالسا مع زوجتي وابني طارق في شرفة المنزل
ليلا فاجأني القاتل بوابل من الرصاص من علي مسافة ثلاثة امتار فقط .
وسئل عما اذا كان الاعتداء الذي حصل يؤكد نية القتل ام كان مجرد رسالة
سياسية له لمطالبته الدائمة بمحاربة الفساد والاصلاح، قال القتل
بالتأكيد، ان المسلح اقترب مني ولولا عناية الله التي حمتني من الموت،
فقد كان الموت محققا لانني كنت مستلقيا علي جنبي ولم اكن جالسا،
فالرصاصات الخمس التي استقرت في الساق اليسري كان مقدرا لها ان تستقر
في صدري لو كنت جالسا .
واضاف بالنسبة لي شخصيا دعني اقول انني لو تأخرت لمدة خمس دقائق فقط
بعد اطلاق النار علي وانا في منزلي ليلا، في الوصول الي مستشفي الشيخ
زايد في رام الله، لنزفت كل دمي .
وسئل نبيل عمرو عما ينوي القيام به بعد عودته الي فلسطين، وهل يفكر
باللجوء الي القضاء لمعرفة او محاسبة القتلة الذين حاولوا اغتياله في
رام الله؟
اجاب قائلا: سوف اذهب الي ضريح الرئيس الراحل ابوعمار في المقاطعة
لأصلي واقرأ الفاتحة علي روحه لانني عملت بشكل وثيق معه لمدة 30 عاما
وهو قائدي ومعلمي.
اما بالنسبة لمحاولة الاغتيال قال لقد حسمت هذا الامر منذ اللحظات
الاولي التي اعقبت اغتيالي وانا بين الحياة والموت وسط العمليات
الجراحية العشر التي اجريت لي في رام الله وعمان وميونيخ، وقررت عدم
اتهام أي احد الا اذا كان لدي دليل قطعي، وقلت انني حتي لو جاء لي من
فعل فعلته بي واعترف فانني سوف احيل الامر الي القضاء لانه يجب الا
يأخذ القانون باليد، فنحن في مجتمع عشائري ولو اطلقنا العنان لأخذ
القانون باليد فاننا سنعود الي عصر الغاب والفوضي المطلقة .
وقال عمرو وهو عضو المجلس الثوري في حركة فتح انني تعرضت للموت والاذي
وعلي القضاء ان يعيد لي حقي وان يعالج القضية، وانا لن اتعاطي مع الامر
علي انه قضية شخصية، وسوف اظل اسعي لايجاد الحل القانوني والسليم لهذا
الموضوع لان الموضوع ليس شخصيا وانما جريمة سياسية من الدرجة الاولي،
يجب ان تعالج معالجة قانونية وسياسية في نفس الوقت، وعلي المؤسسة
الفلسطينية انهاء هذا الموضوع .
وسئل عن رؤيته الي الوضع الفلسطيني بعد رحيل ياسر عرفات وعما اذا كانت
القيادة الفلسطينية الجديدة قادرة علي المضي قدما في الضغط باتجاه
اقامة الدولة وحل كافة القضايا الرئيسية العالقة مع اسرائيل مثل القدس
والاستيطان واللاجئين، اجاب نبيل عمرو الذي سبق وان تولي منصب وزير
الشؤون البرلمانية، قائلا اولا من الخطأ القول بانه بعد وفاة الرئيس
ياسر عرفات اصبح لدينا قيادة جديدة، ونحن لدينا قيادة هي بمثابة امتداد
للحقبة التي قادها الرئيس الراحل، والذين في سدة السلطة الان هم رفاق
ياسر عرفات وزملاؤه، وبالتالي لانستطيع القول بان هناك جديدا، غير ان
الموضوع المهم هو ان علي الشعب الفلسطيني ان يتوجه الي صناديق الاقتراع
لتشكيل قيادتهم الجديدة، لاختيارهم عبر صندوق الاقتراع وفي المرحلة
الانتقالية يجب ان نستفيد من شرعية المؤسسات القائمة دون ان يفارقنا
الشعور بمسؤولية التغيير، في الحاضر والمستقبل .
وتوقف عمرو بطريق عودته لفلسطين بالعاصمة الاردنية عمان حيث عقد لقاء
صحافيا قال فيه بان عملية الاستعداد للمستقبل بعد رحيل الرئيس عرفات
تتطلب اصلاحات جوهرية وحقيقية داخل حركة فتح كبري الفصائل افلسطينية،
مؤكدا بان المجلس التشريعي علي اهمية دوره كان طوال الفترة الماضية
عبارة عن خلية تنظيمية لحركة فتح مما اضعفها واضعف المجلس واربك الوضع
الداخلي ايضا، مشيرا الي ان هذا الوضع داخل التشريعي ينبغي ان يتغير
وان الحل المنطقي الوحيد هو مشاركة حماس في الانتخابات معبرا عن أمله
بان تشارك حماس هذه المرة بفعالية وتتراجع عن اخطائها بعدم المشاركة في
الماضي مما سيعطي حيوية للحياة السياسية وايقاعها في فلسطين.
وشخّص عمرو ما اعتبر انه صورة داخلية لحركة فتح ينبغي بحثها ما دمنا
نتكلم عن المستقبل، مشيرا الي ان حجم الجمود في حركة عملاقة مثل فتح لا
يمكن تخيله عندما تكتشف بان اخر انتخابات حركية داخلية حصلت في تونس
عام 89 وهو العام الذي شهد آخر مؤتمر عام للحركة علما بان المؤتمر
العام ينبغي ان يعقد كل عامين، وقال: أخذنا من مؤتمر تونس فقط القرار
المتعلق باللجنة المركزية ولم نلتفت لبقية القرارات وهذا وضع ينبغي ان
يوضع حد سريع له عبر تكريس ثقافة الانتخابات وتحريك الوضع الداخلي
مشيرا الي ان هذا الأمر متاح وليس صحيحا ما يقال بان الاحتلال يحول
دونه والدليل ان شباب فتح بالسجون نظموا مؤتمرات وان مروان البرغوثي
مثلا قاد محاولات لكي تجري الانتخابات الداخلية في فتح لكنها اوقفت
لسبب او لاخر وليس سرا ان هناك اشخاصا لهم مصلحة في ذلك.
وشدد عمرو وهو من الصفوف الاولي في قيادة فتح علي ان الحركة بحاجة ملحة
للاصلاح والتغيير وعلي ان التيارات التي تتفاعل داخلها ينبغي ان تخرج
للسطح بدلا من التحول لبؤر باطنية او لحركات انشقاق، مؤكدا بان هناك
طبقة من المستفيدين من الامتناع عن قيام خطوات اصلاحية في الحركة وان
الاحتلال في الواقع العملي لم يكن يمنع فتح في اي وقت من الحراك
الداخلي علي الاقل قبل السنين الاربع الماضية وبالتالي فهو يجب ان
لايبقي مشجبا لتأخير الاصلاحات والوضع الداخلي في حركة جماهيرية عملاقة
مثل فتح يؤكد عندما لا يحصل حراك داخلي لفترة طويلة بان طبقة متنفذة ما
تتشكل وتتحكم بالأمور.
وقال عمرو يجب ان لا نبالغ في توقع رؤية اختلافات جذرية في وضع
المؤسسات الفلسطينية النضالية بعد اسبوعين فقط من رحيل ياسر عرفات،
فمثل هذا الكلام بعيد عن الموضوعية وفي الماضي القريب حاول المجلس
التشريعي القيام ببعض الخطوات الاصلاحية لكنه عمل في ظل تعقيدات متعددة
ونحن في فتح حركة تحرر ولم تستقر احوالنا بعد فيما ساهم غياب عرفات
المفاجئ في التعقيدات.
واعتبر عمرو ان حركة فتح تمارس واجبها النضالي طوال عمرها بالاعتماد
المطلق علي الحلفاء ولو اصبحت حلقة منغلقة علي ذاتها فانها لا تساوي
شيئا وفتح طوال عمرها كانت تمارس شكلا من اشكال التواكل علي الرئيس
عرفات وشخصيته والرئيس كان دوما يحمل ويتصرف لكن من تواكلنا عليه في
فتح جميعا الان نفذ فيه امر الله فكوادر فتح وقادتها عليهم ان يقوموا
الان بأنفسهم بمهامهم وواجباتهم وبالتالي فهم يخضعون لاختبار القدرات،
فقد غاب الرجل الذي استمر معنا اربعين سنة ومن غير المنطقي ان نتمكن
خلال اسبوعين فقط من بعده من قراءة ما حصل وما يمكن ان يحصل.
واعترف عمرو في اول ظهور اعلاني له بعد انتهاء فترة علاجه ان حركة فتح
فشلت طوال سنوات بالتجمع لكن ذلك لا يعني ان لا تستمر محاولات التجمع،
مشيرا الي ان الشعب الفلسطيني ليس مطلوبا منه الان ممارسة النقد الذاتي
عما سبق من ماضيه فهو شعب لا يوجد لديه عقدة التضحية والرجولة، وهو
جدير بان تتوفر له قيادة ترفع المعاناة عن كل بيت في كل قرية ومدينة
ومخيم وحي والتركيز الان ينبغي ان يتوجه لضبط دولي لكي نفتح الملف
السياسي مع اسرائيل خصوصا بعدما افشل شعبنا سيناريوهات فرض الحلول
للدبابات ويجب ان لا نضع توقيعنا علي اي حل سياسي الا عندما نحصل علي
حقوقنا والعالم سيقبل منا ذلك عندما نخبره بان حقوقنا هي تلك المنصوص
عليها بقرارات الشرعية الدولية.
وتحدث عمرو عن وجود عرفات في الماضي كعقبة في طريق السلام كفرية
اسرائيلية لكنها فرية لم تعد قائمة الان الا انه شكك رغم ذلك في قدرة
العالم علي فرض خارطة الطريق التي قبلها عرفات علي ارييل شارون.
وقال كنا نختبيء في الماضي القريب خلف الاحتلال لنقول اننا لا نريد
مجتمعا مدنيا وفي الواقع العملي لم يمنعنا احد من اجراء الانتخابات
داخل فتح او داخل نقابات فلسطين ولا بد من الناحية الاجرائية وضع
معايير للاصلاح الذي ننشده، واذا كان هناك من يشكك في قدرة القيادة
الجديدة عليه ان يطرح بديلا، اما حركة فتح فيتوجب ان تتطور وان لا تبقي
حبيسة منطق تنظيمي عمره نصف قرن، فتاريخ الحركة ونضالها يستحقان وجود
منابر ديمقراطية داخلها ولا بد من دعم الدعوات لتشكيل الاحزاب، اما
بخصوص الدولة المنشودة فهي اصلا لن تكون علي مقاس الرئيس عرفات رحمه
الله ولن تكون علي مقاس محمود عباس انما علي مقاسات الشعب الفلسطيني
وطموحاته وعلي اساس قرارات المجالس الوطنية المعروفة للجميع.
ويعتقد عمرو بان كل الامور في هذه المرحلة التاريخية الحرجة تعتمد علي
الفلسطينيين وتتوقف عليهم ولا بد من تفعيل المصداقية في المهام
الداخلية اولا قبل الانتقال للحركة السياسية واذا انتظرنا ان تتقدم
اسرائيل او امريكا بمنحنا دولة فسننتظر طويلا وبجميع الاحوال علي
اسرائيل ان تدرك بانها لن تحلم او تحظي بقيادة فلسطينية متنازلة
والرهان في الواقع علي تماسكنا وصمودنا وليس علي تطورات الموقف
الاسرائيلي او علي اليقظة الاخلاقية المفترضة عند الامريكيين.
ولفت عمرو الي ان الحوار مع حماس عندما جرب نتج عنه هدنة لـ55 يوما
وكتائب الاقصي جزء لا يتجزأ من حركة فتح وبالتالي فاي حل مع حماس يستند
للحوار ومع الكتائب ينبغي ان يستند للاطار التنظيمي خصوصا وان الظرف
الاستثنائي لا يمكننا من التعامل مع الاشياء الا بالتفاهم الداخلي.
واعتبر بان تجربته الوزارية مع حكومة ابو مازن كانت غنية وليست ناجحة
ملاحظا بان الثراء يكون من خلال الفشل احيانا، لكن عمرو رفض الغرق في
تفاصيل تجربة ابو مازن وفشلها من نجاحها كما رفض الحديث في موضوع
الفساد، فالوضع الان تغير كليا فغياب عرفات املي علي الفلسطينيين سلوكا
جديدا واي قيادة جديدة لا يمكن لها ان تأخذ شرعيتها الان من خلال
مؤسسات المنظمة ومن خلال التمسك بقرارات المجالس الوطنية، مؤكدا ان اي
حال سياسي لا يشعر الفلسطيني بالعدالة لن يكتب له النجاح ومتوقعا بان
ابو مازن سيستفيد من اخطائه في الماضي وسيرتكز في عمله علي الثوابت
الوطنية لانها عندما توضع كأسس لاي حلول او تسويات ينتج عنها الاستقرار
سواء في فلسطين او حتي في المنطقة.
وقبل ذلك اعلن نبيل عمرو بوضوح بانه شخصيا سيدعم داخل حركة فتح ترشيح
السيد محمود عباس لانتخابات الرئاسة فيما سبق ذلك تأكيده علي انه اسقط
حقه الشخصي فيما يتعلق بمحاولة اغتياله والاعتداء عليه وسيركز في
المرحلة المقبلة علي السعي للحق الفلسطيني العام، فذلك بالنسبة له كما
قال اهم من الاقتصاص ممن اطلقوا عليه النار ولذلك ترك الامه الشخصية في
ميونيخ وعاد الي رام الله بآماله الوطنية بالدولة والعدالة. وقال عمرو
انه يضع نفسه في خدمة اخوته في حركة فتح والسلطة وناخبيه ولم يعد مهتما
بحادثة الاعتداء عليه رغم انه يرفض التحدث عن الاستنتاجات والدوافع
الان.
وفي نهاية اللقاء الصحافي فضل عمرو عدم التطرق والتركيز علي حادثة
اطلاق الرصاص عليه لكنه رد بعبارة ساخرة علي سؤال حول خسائره الصحية
فقال: حتي الان خسرت 12 كيلو غراما من وزني و15 سم من رجلي واضاف مازحا
في الواقع نقلت قدمي من مكان الي مكان.
المصدر:مجلة القدس |