عباس
يصف زعيم حماس بمشعل الفتنة
24/04/2006
حين سعيت للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيته بعمان، كانت واثقة
أنها ذاهبة إلى واحد من بيوتها، مثلما كانت واثقة حين استضافته في
مكاتبها قبل أن يتولى الرئاسة أنه كان في بيته. بكل هذا الدفء المتبادل
التقت بأبي مازن في وقت نحسبه كان عصيبا علينا وعليه حين ذهل لحجم
المعلومات التي عرفها واطلع عليها من اللواء محمد الذهبي مدير
المخابرات العامة عن الأسلحة التي هربها بعض عناصر حماس الى الأردن
بقصد استعمالها فيه .
أبو مازن بادر بالتأكيد على حرص السلطة الفلسطينية على أمن الساحة
الأردنية واستقرارها وقال إننا لا نرضى ولا نقبل بأن يمس الأردن بأي
سوء سواء كان كبيرا أو صغيرا فهو إمتدادنا وعمقنا الإستراتيجي .
إن ما اطلعت عليه خلال زيارتي لعمان من مدير المخابرات العامة اللواء
محمد الذهبي كان خطيرا ومذهلا ومرفوضا وقد اطلعت على معلومات أخطر من
الأسلحة لا أستطيع الإفصاح عنها لدقتها وخطورتها لكنني لا بد أن
ألامسها بالإشارة لتوضيح مدى دقة المعلومات وتأثيرها لا سمح الله على
الساحة الأردنية والعلاقات الأردنية الفلسطينية .
إن ما اطلعت عليه شكل لي ولزملائي مفاجئة لم تكن بالحسبان فالبحث عن
امتداد للبعض من مساحات أخرى في المنطقة يشكل خطورة على الاردنيين
والفلسطينيين سواء.
واشاد أبو مازن خلال اللقاء الذي حضره الدكتور صائب عريقات كبير
المفاوضين الفلسطينيين وعطا خيري السفير الفلسطيني في عمان اشاد
بالاستراتيجية التي اتبعتها الحكومة الأردنية تجاه موضوع حماس والأسلحة
على الساحة الأردنية بالتعامل بعيدا عن الإعلام ومن خلال استعدادهم
لاستقبال وفد من طرفنا لمزيد من الاطلاع والبحث عن الحقيقة التي يريدها
الأردنيون مثلما نريدها ولمزيد من التنسيق لتلافي مثل هذه الموضوعات
الخطيرة في المستقبل.
وقال أبو مازن إن دقة المعلومات لدى الأشقاء في الأردن تقنع المتلقي
بصدقيتها فالسلاح شيء والتخطيط لأشياء أخرى تبدو أخطر شيء آخر ، ومن
هنا كان الانزعاج لدى الأشقاء الأردنيين الذين تجاوزوا موضوعات مشابهة
في أوقات سابقة.
الأردن ليس ساحة مواجهة
وشدد الرئيس الفلسطيني (الأردن ليس ساحة مواجهة بالنسبة لنا وأمنه من
أمننا واستقراره استقرار لنا وهو رديفنا في السراء والضراء).
ورفض أبو مازن الرد على تصريحات أطلقتها حماس من غزة حول ما أعلنه خلال
زيارته لعمان وقال إن ما سمعته في عمان وما شاهدته على أرض الواقع وما
اطلعت عليه من معلومات موثقة يعفيني من الرد على تصريحات إعلامية غير
مسؤولة.
علاقة الرئاسة بحماس
وردا على سؤال حول علاقة مؤسسة الرئاسة (بحكومة حماس) قال : إنني منذ
اليوم الأول لفوز حركة حماس بالانتخابات أبلغت قياديي الحركة في
الأراضي الفلسطينية وقبل أن يشكلوا حكومتهم وبعد ذلك أنهم سيواجهون
قضايا خلافية على الساحة الفلسطينية وفي الإقليم والعالم سيما أن
القضية الفلسطينية متداخلة ومتشابكة في قضاياها مع معظم دول العالم
واتفقنا على قناة اتصال بين مؤسسة الرئاسة والحكومة لمناقشة كافة
القضايا بحثا عن حلول وعلى قاعدة أن هذه الحكومة (سواء شكلتها حماس أو
غيرها) هي حكومة رئيس السلطة الفلسطينية لها ما لها وعليها ما عليها
تماما مثلما هي مؤسسة الرئاسة استنادا إلى القانون الأساسي الذي يمنحنا
جميعا شرعيتنا الدستورية غير أن ما حصل لاحقا كان مخالفا لكل ما اتفقنا
عليه فلم يتقيدوا بشيء ولجأوا إلى الانفراد بالقرار ومخالفة كل الأنظمة
والقوانين وضربوا بعرض الحائط كل المرجعيات وسعت الحركة لمناقشة الأمور
عبر وسائل الإعلام وبطريقة فجة مما عطل علينا معالجة هموم ومشاكل شعبنا
الفلسطيني وهي كثيرة وخطيرة تبدأ بالوطن والأرض ولا تنتهي بالفقر
والجوع فالإحتلال من جانب والمواجهات والتعنت الإسرائيلي والشأن
الداخلي من جانب آخر ناهيك عن الحصار الذي نرزح تحت أعبائه من بعض دول
العالم.
الخطابات والمهاترات
وقال : إنني لست بصدد رد الفعل الإعلامي على الخطابات التي تصدر من هنا
وهناك وانفعال المهرجانات وإطلاق العنان للتهم والاتهامات والطعن
بالوطنية وبنضال الشعب الفلسطيني على مدى العقود وقال (لن أناقش ما
قرأته أو سمعته فأنا رجل يحب العمل ويسعى في كل عواصم العالم للحصول
على كل ما يدعم شعبي الفلسطيني وقضيته العادلة ماديا ومعنويا وعلى كل
صعيد فالشعب الفلسطيني وبقدر حاجته للاستقلال وإقامة دولته المستقلة
يحتاج على مدار الساعة للأمن والاستقرار ولقمة العيش أسوة بشعوب الدنيا
فالخطابات والمهاترات لا تقدم ولا تؤخر بل بالعكس تعرقل الحركة وتكثر
من الأعداء وتقلل الأصدقاء .
وحول رفض (حكومة حماس) لكل القرارات الدولية والعربية قال أبو مازن ان
موقف السلطة الفلسطينية وموقف منظمة التحرير الفلسطينية التي تتبعها
الحكومة والتي لا يمكن لأحد أن يقف بوجهها أو يلغيها أو يلغي
التزاماتها هو موقف ثابت من كل الاتفاقات المبرمة والمستقبلية .
وأضاف أن على المسؤول أن يكون على قدر تحمل المسؤولية وعلى حكومة
السلطة أن تلتزم بكل ما صدر عن منظمة التحرير وما عقدته من اتفاقات
وعلى حركة حماس أن تعي جيدا أن المعارضة غير الحكومة، فالحكومة
الفلسطينية ستتعامل
مع الواقع المحيط بها سواء كان إسرائيليا أو عربيا
أو دوليا أما الحركة فلها أن ترفض أو تعارض كما تشاء.
الالتزام بكل الاتفاقيات
ثم أن أي حكومة تصل إلى موقع المسؤولية ستكون ملزمة بكل الاتفاقات التي
أبرمتها الحكومة السابقة وهذا ما ينطبق على حكومة حماس التي يجب أن
تعترف بكل الاتفاقيات والقرارات المدونة إليها من الحكومات السابقة.
وشدد الرئيس الفلسطيني أن هناك حكومة فلسطينية وهناك حركة حماس ذات
الاتصالات المتشعبة والعلاقات الخارجية كأي فصيل فلسطيني آخر ولها أن
تقول ما تريد وأن تتخذ من المواقف ما يناسبها أما الحكومة فهي حكومة
الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية وعليها الالتزام بمصالح هذا الشعب.
لاءات حماس الى متى ؟
تساءلت إلى متى يستمر هذا الانفصام وهذا التشبث الحمساوي باللاءات في
حين أن الواقع مغاير لهذا الموقف، ضحك عباس وهو يجيب قائلا إنه في قمة
الخرطوم الأخيرة استذكر حضور لاءات قمة الخرطوم بعد حرب 1967 لكنهم
جميعا أعلنوا موافقتهم على قرارات قمة بيروت والمبادرة السعودية ونتائج
أوسلو والقرارات الدولية ذات الصلة.
تصريحات مشعل
وحول خطاب خالد مشعل في دمشق الذي دعا فيه للاحتكام للشارع وتثوير
الشارع العربي ونتائج هذا الخطاب على الساحة الفلسطينية من مظاهرات
واحتجاجات ، قال عباس وهو مفعم بالألم أن السلطة الفلسطينية ترفض
الفتنة ولا تقبلها وترفض الحرب الأهلية مهما كان شكلها ولونها وكائنا
من يكون محركها أو الداعي إليها أو (مشعل الفتنة).
واضاف : كنا خلال اربعين عاما من عمر نضالنا نختلف على الكثير من
الامور السياسية التي تهم القضية الفلسطينية والتي نناضل من اجلها
لكننا لم نصل يوما الى الحرب الاهلية ولا الى حافتها.
كنا كما كان يقول ابو عمار نعيش في ديمقراطية غابة البنادق ولم يكن
يخطر بذهن واحد منا ان يرفع سلاحه في وجه الآخر الا اذا كان هذا السلاح
مؤجرا لقوى من خارج ساحتنا ونابعا من مشاعل الفتنة.
ودعا ابو مازن الفلسطينيين جميعا للابتعاد عن مجرد التفكير بالحرب
الاهلية لانه لن ينتج عنها الا ما يضر قضية فلسطين العادلة فالحرب
الاهلية لا يكتوي بنارها الا الصامدون الصابرون على ارضهم بينما تبقى
الاصوات التي تصدر من هنا وهناك عبر الميكروفونات والمهرجانات مشعلة
نار الفتنة.
وحول تصريحات مشعل لفضائية اجنبية بعدم ممانعته الاعتراف بكل شيء اذا
انسحبت اسرائيل من الاراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية واستعاد
اللاجئون حقوقهم ، شدد عباس على انه يفضل الحديث المباشر مع العالم
فالسياسي الناجح هو الذي يفي بالتزاماته ويلح على مطالبه فقد ذهبنا الى
اوسلو التي يرفضها البعض وتقدمنا بمطالبنا وخرجنا منها بالسلطة
الفلسطينية والانتخابات والبرلمان وعودة عشرات الآلاف من الفلسطينيين
الى مناطق السلطة وحصلنا على المزيد من الاعتراف الدولي بحقنا في اقامة
دولتنا المستقلة.
واوسلو لمن لا يعرف الاساس وكل ما بعدها مبني عليها حتى حكومة حماس
الحالية التي جاءت عبر انتخابات ديمقراطية هي من نتائج اوسلو فعدم
الاعتراف باوسلو وبنتائجها يعني ان حكومة حماس ذاتها لا تعترف بنفسها
وهذا وضع مقلوب وعلينا الذهاب مباشرة الى العالم سواء كانوا اشقاء او
أصدقاء او اعداء او محايدين بكلام صريح وواضح ومباشر ولا لبس فيه.
واشار عباس الى انه كان مطلوبا من منظمة التحرير عام 1982 الاعلان عن
نبذها للارهاب وعندما استجابت لهذا المطلب انفتحت امامها ابواب العالم
وصار لديها من السفارات اكثر مما لدى بعض الدول العريقة والغنية والآن
علينا الاستمرار في هذا النهج اذا كنا نريد النجاح وهذا لا يعني
بالضرورة تقديم التنازلات المجانية.
قضيتنا عادلة والعالم يتفهم مطالبنا وعلينا اغتنام ذلك وألا نجذف عكس
التيار فنحن بحاجة لكل دعم عربي او دولي والعالم بأسره بحاجة الى حل
قضيتنا لتثبيت الامن والاستقرار في المنطقة اما الذين يخالفون ذلك من
بعض التنظيمات الفلسطينية وفي بعض العواصم فيبدو انهم لا يعرفون الواقع
الذي يعيشه الفلسطينيون ولا ماذا يفكر به العالم او ما يدور من حولنا
من احداث انعكست سلبا على مواقف بعض الذين كانوا يدعمون قضيتنا .
وجدد ابو مازن تأكيده على ان السلطة الفلسطينية لن تتنازل عن ثوابتها
الوطنية (فعندما كنا في كامب ديفيد رفضنا المساس بهذه الثوابت وفشلت
القمة لكننا لم نتنازل وقد تفهم العالم موقفنا كما تفهمه شعبنا الذي
يحترم هذا الموقف مثلما يحترم استراتيجيتنا التي تقود خطانا .
اتصالاتنا مع الاسرائيليين مستمرة ونرفض الخطوات الأحادية
وبعيدا عن الشأن الداخلي سألت ( ) الرئيس الفلسطيني عن الاتصالات مع
الجانب الاسرائيلي في ظل حكومة اسرائيلية مرتقبة وعما يلوح في الافق
القريب .
اخذ عباس نفسا عميقا ليؤكد ان السلطة الفلسطينية ترفض الحلول الاحادية
مؤكدا ان الانسحاب من غزة لم يكن قرارا احاديا، فقد كانت السلطة على
علم بكل شيء ومطلعة على موعد كل خطوة وكانت هناك اتفاقات بين الجانبين
على خلفية ذلك الانسحاب ومنها على سبيل المثال اتفاق معبر
رفح، وشدد
عباس على ان القرارات الاحادية التي تتحدث عنها اسرائيل فيما يخص
الانسحاب من الضفة الغربية مرفوضة سلفا وقال : اننا على اتصالات مستمرة
مع الاميركيين والاوروبيين لأنهم اصحاب خريطة الطريق التي قبلناها
ونطالب بتطبيقها فيما يرفضها الاسرائيليون ويماطلون في تنفيذ اي جزء
منها.
وطالبنا ونطالب من نحاورهم بضرورة الزام الجانب الاسرائيلي بالجلوس الى
مائدة التفاوض لتطبيق بنود خريطة الطريق واضافة لهذه الاتصالات الدولية
فإن الاتصالات مع الاسرائيليين مستمرة على كافة المستويات لكننا ننتظر
تشكيل الحكومة الاسرائيلية لاتخاذ الخطوات المناسبة.
ووصف ابو مازن جولته الاوروبية التي بدأها امس بزيارة تركيا بأنها
سياسية واقتصادية تستهدف التواصل مع العالم من الناحية السياسية
ومطالبته بتنفيذ وعوده للتوصل الى الحلول مع الجانب الاسرائيلي وحثه من
الناحية الاقتصادية على عدم وقف المساعدات عن الشعب الفلسطيني عقابا له
على انتخابه للحكومة بطريقة ديمقراطية (بغض النظر عن الموقف من هذه
الحكومة او الوسيلة التي اوصلتها الى موقعها) .
فالشعب الفلسطيني بحاجة الى استمرار ديمومة المساعدات الدولية لتمكينه
من الاستمرار في الحياة والشعور بعدم تخلي المجتمع الدولي وايصاله الى
حالة الاحباط، فماذا يريد العالم من شعب لا يملك ادنى مقومات الحياة.
لا خطط للالتقاء بمشعل
وردا على سؤال عن خططه للالتقاء بخالد مشعل خلال زيارته لتركيا قال
الرئيس الفلسطيني : لا خطط للقاء ولا داعي له.
نحن نعمل بطريقتنا لخدمة شعبنا ومساعدته على العيش بكرامة اما الخطابات
والمهرجانات فمتروك امرها للاخرين ولشعبنا ان يحكم اين تكمن مصلحته.
*الراي الاردنية
|