الشيخ يتهم مركزية فتح بإعاقة تطور الحركة واصلاح مؤسساتها
والوضع الداخلي الفلسطيني غاية في التعقيد خاصة من حيث الأولويات
رشيد هلال – شبكة فلسطين الاخبارية
أكد حسين الشيخ أمين سر مرجعية حركة فتح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ليس بحاجة إلى ذرائع لشن هجومه على قطاع غزة وتصعيد عدوانه على الأراضي الفلسطينية، ورغم ذلك فقد طالب الشيخ بدعوة أطراف الحركة الوطنية والإسلامية بتقييم اساليب نضالها وكفاحها لتحييد الرأي العام الدولي ولعدم توظيف الذرائع في مصلحته الأمنية والعسكرية .
وانتقد الشيخ اللجنة المركزية لحركة فتح واتهمها بأنها تعيق تطور الحركة واصلاح المؤسسات الفتحاوية دفاعا عن مصالحها الذاتية.
شبكة فلسطين الاخبارية استضافت أمين سر مرجعية حركة فتح حيث ناقشته في رؤيته للاوضاع الداخلية والهم السياسي ، والأوضاع الميدانية المتأزمة .
الشبكة :كيف تنظرون لللتصعيد الإسرائيلي، وما يرافق من تصريحات لمسئولين إسرائيليين تتنصل من خارطة الطريق ، ويخططون إلى وأد مشروع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ؟.
حسين الشيخ :
تصريحات دوف فايسغلاس تؤكد ما كنا نقوله من ان العدوان الاسرائيلي هو بهدف وبغاية سياسة استراتيجة من الجانب الاسرائيلي هي تكريس الاحتلال على الاراضي الفلسطينية وانهاء مشروع الدولة الفلسطينية، ورفض كامل لكل المبادرات الاقليمية والدولية، التي كانت تهدف الى وضع حد لمسلسل العنف في المنطقة.
والاجتياح الاسرائسيلي لقطاع غزة ياتي في هذا السياق، ويؤكد ان خطة الانفصال احادي الجانب ليست جزءا من خريطة الطريق كما يدعي الطرف الاسرائيلي، وانما في اطار التهرب من التزامات اسرائيل الدولية.
المؤسف في هذا الموضوع هو الشرعية الكاملة التي اعطتها الولايات المتحدة الاميركية لحكومة شارون للاستمرار في هذا المشروع، رغم تصريحات الرئيس الاميركي التي تؤكد على ضرورة قيام دولة فلسطينية، سواء في الامم المتحدة ام في غيرها من المحافل، لكن الواضح تماما ان الاتفاق السري بين الحكومة الاسرائيلية والادارة الاميركية هو التنصل من هذا الالتزام، وانهاء المشروع الوطني الفلسطيني باقامة دولة فلسطينية.
والا فماذا يعني بناء الجدار الفاصل، وماذا يعني اجتياح غزة وخلق ما يسمى بلابشريط العازل بعمق 6-9 كيلومترات، سواء في شمال القطاع ام في جنوبه.
هذا دليل قاطع على ان الحكومة الاسرائيلية لا تريد اطلاقا أي حل سياسي مع الفلسطينيين، وانما تريد ان تفرض حلا احادي الجانب يكرس الاحتلال على الجزء الاكبر من الاراضي الفلسطينية.
الشبكة : هناك دعوة من عدد من الفصال، وحتى من لجنة المتبعة العليا في غزة، طالبت بوقف اطلاق صواريخ القسام، كيف تنظر الى هذه الدعوات؟
حسين الشيخ :
منذ فترة ونحن نطالب باجراء تقييم موضوعي وطني جدي للاساليب الواجب اتباعها في مقاومة الاحتلال، ونحن اولا جزء من هذا المجتمع الدولي والمتغيرات الهائلة التي حدثت في العالم لا يجوز للطرف الفلسطيني ان يبقى بعيدا عنها.
لسنا وحدنا على هذا الكوكب، وهناك تداعيات كبيرة حصلت في المجتمع الدولي على الطرف الفلسطيني ان يتخذ اجراءات لا تمس جوهر حقه في مقاومة الاحتلال، وفي نفس الوقت تعطي زخما للانتفاضة، وتعطي الروح للعمل المقاوم، وكذلك تجند الراي العام الاقليمي والدولي الى جانب كفاح شعبنا.
طالبنا بضرورة اجراء مساءلا ونقاشات وحوارات وتقييم جدي بين كل اطراف الحركة الوطنية والاسلامية حتى نتجنب كل ما يمكن ان يشكل علامات استفهام او اعاقة لمشروعنا الكفاحي، وفي نفس الوقت تمتين وتصليب جبهتنا الداخلية، والاتفاق على المستوى الكفاحي.
ومن هذه القضايا مسالة اطلاق الصواريخ بدائية الصنع، حيث يحاول الاحتلال تضخيمهذا الموضوع، وكاننا نمتلك اسلحة دمار شامل.
ولكن في نفس الوقت الذي نوجه فيه هذه الدعوة الصريحة من جانبنا لكل القوى الوطنية والاسلامية، فانا متاكد تماما من ان الحكومة الاسرائيلية لا تحتاج ولا تبحث عن ذرائع، بمعنى ان اسرائيل تحاول ان توهم العام بان الذريعة لاجتياح قطاع غزة هي اطلاق الصواريخ، ولكن تصريحات فايسغلاس تؤكد عكس ذلك تماما، فهي دليل على وجود مخطط سياسي امنني عسكري اسرائيلي معد له سلفا سواء اطلقت الصواريخ ام لا، والاهم من ذلك، وبعيدا عن تائيرات ذلك على المبررات التي تحاول اسرائيل توظيفها، على اطراف الحكركة الطنية والاسلامية والسلطة الفلسطينية ان تبذل جهدا كبيرا لتجنب كل ما يمكن ان تتخذه اسرائيل مبررا لاصباغ الشرعية على عملياتها العسكرية الاجرامية ضد الشعب الفلسطيني.
الشبكة : كتائب شهداء الاقصى في قطاع غزة تتبع عمليا منهج حماس، ولا توجد لغة موحدة بين اعضاء التنظيم الواحد؟
حسين الشيخ :
لدي تحفظ بانهم يتبعون منهج حماس او الجهاد، هذا غير صحيح، حركة فتح مع الاحترام الشديد لكل الفصائل، لا تتبع احدا، وهي سباقة ورائدة في الكفاح الوطني الفلسطيني، وهي بحد ذاتها مدرسة للمقاومة وصاحبة ارث كبير وعظيم على مدى اربعين عاما، ولكن يمكن ان اتفق معك في جزئية معينة.
تتميز فتح في موقعها السياسي، فهي حركة وطنية فلسطينية براغماتية، بمعنى انها تتبع المصلحة الوطنية، وهي على درجة عالية جدا من الليونة في التكتيك السياسي، وبرنامجها وموقفها السياسي واضح تماما، فهر يرتكز على مصالح الشعب الفلسطيني وضرورة انهاء الاحتلال الذي بداء في العام 1967، وتحاول ان توظف كل الجهد الفلسطيني، وكل الطاقات الفتحاوية من اجل الوصول الى هذا الهدف.
وبما ان برنامج فتح السياسي هو اكثر وضوحا من غيرها، وربما يكون اكثر قبولا على المستوى الاقليمي والدولي، فانها كانت مميزة ايضا فيما يتعلق باساليب واشكال المقاومة، ونطاقها الجغرافي.
نحن قلنا بان مطلبنا هو حصر المقاومة داخل حدود الاراضي المحتلة في العام 1967 حتى نعمل على تجنيد الراي العام الدولي لصالح كفاحنا، وحتى نؤكد ان الشعب الفلسطيني يرغب في السلام، ولكن السلام العادل والشامل، لكن في ظل غياب الشريك الحقيقي في الطرف الاسرائيلي، وفي ظل اعتماد اسرائيل على برنامج واستراتيجية الامن في حل الصراع مع الفلسطينيين، فقد خضنا هذه الانتفاضة.
نؤمن ايمانا مطلقا ان اقصر الطرق الى تحطيم برنامج شارون هو الاستمرار في الانتفاضة والمقاومة، لا ننكر ان حركة فتح قامت بالعديد من العمليات داخل اسرائيل، وربما اطلقت العديد من الصواريخ، على المستوطنات الاسرائيلية، لكني اقول ان من يتحمل المسؤولية هو الاحتلال، نحن منذ بداية الانتفاضة طالبنا باخراج المدنيين من دائرة الصراع، وقلنا اذا التزم الجانب الاسرائيلي بذبك فان حركة فتح ستلتزم، وما زلنا نؤكد حتى اللحظة هذا الموقف، فاسرئايل هي التي ادخلت المدنيين في الصراع، وهي التي عسكرت الانتفاضة.
فاسرائيل هي التي تقصف التجمعات السكنية الفلسطينية بطائرات اف 16 والاباتشي والدبابات الثقيلة، لذلك كان لا بد من وجود سياسة رادعة للاحتلال.
بمقدور الفلسطينيين، رغفم عدم ايمانهم باستراتيجة المساس بالمدنيين، ولكن ردا على هذا العدوان، بمقدورهم ان ينتهجوا سياسة رادعة، وبامكانهم ان يمسوا الطرف الاسرائيلي، وان يضربوا التجمعات السكنية الاسرائيلبية.
ولكنني اؤكد على ان ذلك ليس جزءا من نهج فتح، لهذا اقول ان ليس هناك تبعية من حركة فتح لنهج او طريق هذا التنظيم او ذاك.
الشبكة : حتى في ظل براغماتية فتح، فلا يمكن التنصل من وجود استراتيجية لها؟
حسين الشيخ :
نعم اتفق معك، فمنذ بداية الانتفاضة وانا لا انكر بان هناك خطين اساسيين داخل حركة فتح، والخط الذي امن بالانتفاضة والمقاومة كطريق للتصدي لمشروع شارون وسياساته ومن قبله باراك، وهناك خط اخر يمثل الاقلية لم يؤمن بان الانتفاضة هي الطريق لمواجهة مشروع شارون التوسعي والهادف الى تكريس الاحتلال تحت شعارات مختلفة.
والتيار الثاني اعتقد لوهلة بان هناك خيارات بديلة امام الشعب الفلسطيني، لكنه بعد التجربة بات مقتنعا تماما بان الخيارات البديلة عن الانتفاضة والمقاومة هي خيارات وهمية، تموت تحت جنازير الدبابات الاسرائيلية، والتصعيد الاسرائيلي يقتل كل مبادرة فلسطينية.
لذلك اقول بكل صراحة ان هناك من يحاول استغلال الام الفلسطينيين بطريقة خاطئة، هناك من يحاول توظيف الالم الفلسطيني للاستسلام ورفع الرايات البيضاء امام الاحتلال، دون ان ياخذوا من هذا الالم مفصل حقيقي لتصليب الموقف الداخلي، الفتحاوي اولا والوطني ثانيا، باتجاه تبني خيار الانتفاضة كخيار استراتيجي في مواجهة مشروع شارون.
اعتقدت بعض التيارات داخل فتح ان خطوة الى الوراء امام مشروع شارون يمكن ان تؤدي الى احراجه على المستوى الدولي، لكن ذلك بتقديري فان ذلك سيدفع الفلسطينيين الى الخطوة رقم مئة في التراجع لان شارون لا يفهم الا لغة القوة، مشروع شارون يرتكز بالاساس على خطة امنية عسكرية.
لذلك، وعبر تجرية الاربع سنوات الماضية، يبقى السؤال الكبير ماذا انجز هذا التيار، وما الذي جناه امام شارون، بتقديري لم يجن شيئا، وامامنا امثلة كثيرة، حيث وافق الطرف الفلسطيني على كل المبادرات الاقليمية والدولية، لكن ماذا كان الرد الاسرائيلي سوى الرفض القاطع لكل هذه المبادرات، والاستمراتر في مشروع شارون.
كل الوقائع تثبت ان شارون ليس مجرد ثور هائجكما يدعي البعض، وانما لديه مخطط سياسي واضح تماما، وهو انهاء مشروع الدولة الفلسطينية بالكامل، وتكريس الاحتلال، وتحويل غزة الى سجن كبير، وتحويل السلطة الفلسطينية الى شريك في مشروع للتقاسم الوظيفي، وحصر مهمتها بالمسؤولية عن الشؤون الادارية لحياة السكان، في حين تبقى السيطرة على الارض، بما في ذلك الامن والمياه، في يد اسرائيل.
لذلك السؤال الكبير هو كيف يمكن مواجهة هذا المشروع، وهو مطروح على الكل الفلسطيني وليس فقط حركة فتح.
باعتقادي لا خيار امام الشعب الفلسطيني الا اعتماد المقاومة والانتفاضة كطريق في مواجهة مشروع شارون.
لقد وعد شارون الاسرئايليين بالامن، وهذا اهم شعار رفعه في حملته الانتخابية، والمطلوب اسقاط هذا الشعار، ولا يمكن ذلك الا بالانتفاضة والمقاومة.
الشبكة :لكن من الواضح ان هناك عدة تيارات داخل فتح؟
حسين الشيخ :
انا لا انكر بان الواضع الداخلي الفلسطيني في غاية التعقيد، من حيث الاولويات والاختلاف في وجهات النظر.
بكل صراحة اقول ان الاولوية الاولى يجب ان تكون للمقاومة، وانهاء الاحتلال، ويجب ان لا تاخذنا بعض الشعارات الى المنحى الذي ربما يؤثر على المسيرة الكفاحية للشعب الفلسطيني، لكن هذا لا يمنع اطلاقا بان نكون مؤمنين ايمانا مطلقا باتخاذ جملة من الاجراءات الداخلية في باب الاصلاح، والوضع الفلسطيني سواء على المستوى الفتحاوي ام الوطني، واداء السلطة الفلسطينية.
نحن لا ننكر باننا بحاجة الى اصلاح جذري وحقيقي في بنية حركة فتح، لان ذلك ينعكس مباشرة على الوضع الوطني العام.
نعتقد ان احداث التغيير داخل حركة فتح سيترك اثارا ايجابية مباشرة على اداء السلطة الوطنية.
لا ننطر بان هناك خلل كبير في الاداء الفلسطيني على مدى السنوات العشر الماضية، وقد اقر الرئيس عرفات بذلك في خطابه الاخير امام المجلس التشريعي، واقر بكل صراحة بحاجتنا الى اصلاح جدي وجذري وحقيق، واتمنى ان يتم هذا التغيير اولا في فتح وثانيا على المستوى الوطني العام.
على مستوى فتح قلنا بصراحة اننا نحتاج الى عقد المؤتمر العام السادس، الذي من خلاله نستطيع اعادة النظر في برنامجنا السياسي، وفي اطرنا وهياكلنا، هل هي صالحة بعد مرور 15 عاما على عقد المؤتمر الخامس، وهل ما كان صالحا لقيادة العمل في الشتات ما زال صالحا لقيادة العمل السياسي والكفاح على ارض الوطن.
كذلك نحن بحاجة الى انتخاب قيادة جديدة للحركة، واشراك دم جديد في قيادة الحركة.
كذلك على المجلس التشريعي ان يتحمل مسؤولياته، فهو الاطار الشرعي المنتخب من الشعب الفلسطيني، وعليه ان يكون الاداة الحقيقية في تقييم اداء السلطة الوطنية، ووضع حد لكل الفاسدين.
لا يجوز ان يكون المجلس التشريعي مظلة للتغطية على كل هذا السوء في الاداء المالي والاداري، عليه ان يقف بجدية امام هذا الوضع، وان يعالج هذه القضايا بالتعاون والتنسيق مع مؤسسة الرئاسة والرئيس عرفات شخصيا وفقا للصلاحيات التي حددها القانون الاساسي.
الشبكة :ما هو مصير اللجنة التي شكلها المجلس الثوري؟
حسين الشيخ :
يؤسفني القول ان هذه اللجنة ماتت في مهدها، فهي لم تعقد سوى اجتماع واحد او اجتماعين، وقد طوي هذا الملف بالكامل واصبح الموضوع غير مثار في اطر ومؤسسات الحركة.
برايي من يتحمل المسؤولية هو الاطار المركزي، وبشكل خاص اللجنة المركزية التي تعيق عمل اللجنة التحضيرية، وانا واثق تماما ان اللجنة المركزية غير معنية بانجاح اللجنة التحضيرية، وغير معنية بالوصول الى عقد المؤتمر السادس.
الشبكة : ما هي الاسباب برايك؟
حسين الشيخ :
يؤسفني القول ان الاسباب شخصية، ولا يوجد أي حجة سياسية او تنظيمية او وطنية تدعم رؤى بعض الاخوة في اللجنة المركزية الذي يشكلون عائق امامن عقد المؤتمر السادس، فقط هي الرغبة في الابقاء على الهيمنة والتفرد، واحباط التوجه الديمقراطي داخل الحركة، وقتل روح المبادرة، وانهاء حالة التعايش بين الاجيال.
الشبكة :كامين سر مرجعية فتح في الضفة الغربية بماذا تطالب الان؟
حسين الشيخ :
اطالب بان يكون هناك وضوح في اولوياتنا: اولا علينا ان نؤمن تماما بان مقاومة الاحتلال هي الاولوية الاولى في برنامج فتح، وثانيا النضال بكل جدية ومثابرة باتجاه احداث اصلاح جدي وجذري وحقيقي في مؤسسات فتح ومؤسسات السلطة الوطنية.
دون ذلك برايي سنبقى ضحية للمشروع الاسرائيلي الهادف الى انهاء مشروعنا الوطني، ومنع اقامة الدولة الفلسطينية الى الابد.