جبريل الرجوب رمز للنضال المزيف بقلم - أحمد الدبش - باحث قديم في التاريخ الفلسطيني الاحد 29 شباط 2004 أطلّ علينا مؤخراً من جديد – عبر الفضائيات – المدعو "جبريل الرجوب" مستشار الأمن القومي ــ ورئيس ما يسمى بجهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية سابقاً، وكان آخرها مقابلة مطوّلة مع إحدى الفضائيات (دريم 2) فقد عمد "الرجوب" على تسويق نفسه وتلميع صورته بالإشارة إلى تاريخه "النضالي" المزعوم في مواجهة الاحتلال. وإذا كنا قد آثرنا – بعد جريمته النكراء التي ارتكبها في تسليم مجاهدي فصائل المقاومة الفلسطينية - حماس والجهاد الإسلامي وفتح – في سجن (بيتونيا) – أن نكشف حقيقة هذا الرجل الأخطبوط في دراستنا الموسومة "جبريل الرجوب الذي لا تعرفه "، والمنشورة في جريدة الأحرار المصرية، العدد 3855، 15/7/2002. وقد انهالت علي تهديدات وتهاني وتعاطف الأخوة في الوطن المحتل بعد هذا المقال، والعديد من المقالات التي ركزت على فساد السلطة الفلسطينية حتى أن أحد المسؤولين الفلسطينيين بالقاهرة قد أبلغني غضبه الشديد ونقْم القيادة الفلسطينية على مقالاتي، ولكنه قال إلي بالحرف الواحد "بهذا قد تجاوزت الخطوط الحمر"، وطلب مني تعهداً بعدم نقد القيادة الفلسطينية، وكان ردي صريحاً مذكراً إياه بمقولة "عمر بن الخطاب" عندما اجتمع بالراعية بعد وصوله إلى سداه الحكم سائلاً إياهم "ماذا لو عمر ابن الخطاب ما برأسه إلى الدنيا هكذا؟" فما كان من أحد الرعية أن أجابه "والله يا عمر لو ملت برأسك إلى الدنيا هكذا لقطعتها بسيفي هكذا". وما أن أكملتُ حديثي هذا حتى استشاط المسؤول غضباً قائلاً لي "اللقاء انتهى". ومن يومها لم أستطع النشر في أي مطبوعة. والأسباب لا زالت مجهولة!!. نعود لحديث "جبريل الرجوب"، الذي ظهر على شاشة (دريم 2) مع الصحفي "مجدي مهني" في برنامج ــ في الممنوع ــ ونجح إلى حد بعيد في توريطه في لقاء طويل. كان "الرجوب" مثيراً للتهجن والاشمئزاز في حديثه، فقد كان من الطراز الركيك الذي يثير ألف سؤال عن مستواه، وعن نوع السياسة التي يتكلمها!؟عندما سأله المحاور عن كيفيه وصوله أو ترقيته إلى رتبة عميد؟ أجابه بمنتهى الوقاحة بأنه من مناضلي فتح القدامى، وأنه قد تعرض للاعتقال في سجون الاحتلال إلى آخره من شعارات لا تنطوي إلا على الجهلاء، فإنني أعود وأؤكد فالرجوب الذي خلع عليه عرفات رتبة "عميد" لم يتلق أي تعليم عسكري، كم أنه لم يكمل تعليمه الثانوي، ولم يعرف عنه قدرات عسكرية سواء داخل فلسطين أو في الشتات. وعندما سأله عن علاقته وعلاقات "محمد دحلان" بجهاز الموساد؟ ظهرت علامات الارتباك عليه واضحة، وبدأ يتسائل من قال ذلك؟ نافياً أن يكون "محمد دحلان"، مدافعاً عن نفسه وعدوه اللدود "محمد دحلان" . ولكن رغم نفي المدعو "جبريل الرجوب" أي علاقات مع الموساد، إلا أنه كان على صلة مستمرة مع الجنرال "يعقوب بيري" رئيس جهاز الشاباك الأسبق الذي يفتخر في كتبه ومذكراته بعلاقاته الحميمة مع الرجوب، حيث يقول بيري إنه كان على صداقة وعلاقة مميزة مع الرجوب وهو في الخارج وكان الأخير يبعث بسلاماته لبيري وزوجته،.. وقد تحدث رئيس الشاباك عن جزء من هذه العلاقة في كتابه الذي صدر عام 1999 بعنوان "القادم لقتلك" واستعرض بيري في حديث مطور شيئاً من هذه العلاقة التي تطورت إلى علاقات سياسية خلال اتفاقيات أوسلو في كتاب آخر له بعنوان: "مهنتي كرجل مخابرات" والذي صدر بالعبرية وقامت دار الجليل في عمان بإصدار نشرته العربية. ويقول "بيري": لقد قمت بترشيح جبريل الرجوب ومحمد دحلان لرئيس الوزراء الصهيوني الهالك إسحاق رابين لعلم معهما من أجل تنفيذ الاتفاقيات الأمنية، وقال "بيري" لم أعرف الرجوب شخصياً ولكنه كان بالنسبة للشاباك، يعرف عن كل شيء. وبناء على ذلك اقترح إسحاق رابين بأن يقوم بيري بزيارة دحلان والرجوب في تونس؟! لكن بيري اعتبر الفكرة سابقة لأوانها بحيث أصبح الرجوب يتصل بيعقوب بيري وعائلته عقب كل عملية فدائية تقوم بها المقاومة الفلسطينية ويسأل عن صحته وصحة زوجته والأولاد .. ويؤكد بيري قائلا : "كان الرجوب يبذل قصارى جهده كل مشكلة أعرضها عليه وأنا أيضا كنت أفعل ذلك"؟! ويؤكد بيري على استمرار هذه العلاقة حتى بعد تقاعد بيري من العمل، فكان عندما يزور رام الله يقوم الرجوب بانتظاره على مدخل المدينة، ويشير بيري أن اللقاءات السرية كانت تجري في باريس والقاهرة وعواصم أخرى. وإذا كان هذا الكلام هراءً والسيد رجوب وطني من الطراز الأول، فلماذا منحته إسرائيل جواز سفر إسرائيلياً يتنقل به في جميع أنحاء العالم. ولكن ما هي الأسباب التي دفعت السيد / عرفات لتعيين "الرجوب" مستشاراً للأمن القومي؟ وذلك بعد الشبهات التي دارت حوله، وبعد اتهام عرفات الرجوب بتسليم البرغوثي لإسرائيل قائلاً : (جبريل سلم مروان للإسرائيليين) جملة كررها ياسر عرفات مرتين داخل مقره المحاصر في رام الله، وفقاً لمسؤول أمني فلسطيني رفيع محاصر مع الرئيس، أجرى اتصالاً هاتفياً مع مسؤول فلسطيني في عمان تربطه به صداقة مميزة. وهذا قليل من كثير عن العميد الرجوب، والمخفي أعظم. عادل سالم |