مقابلة جبريل الرجوب21/11/2004
جبريل الرجوب في حوار مع نخبة من
الكتاب والصحفيين الأردنيين حضرته "العرب":
"فتح" تقبل برئيس من "حماس" إن فاز بالإنتخابات
ـ
عرفات لم يفق من إبرة مخدرة زرق بها لتسهيل استخراج خزعة من جسمه..
تحسن قبلها
ـ
القدومي لم ينتخب رئيسا لـ"فتح" وإذا اختلف مع عباس يحتكمان للجنة
المركزية.. مرحلة الزعيم الأوحد انتهت
ـ
سها عرفات لم تكن يوما جزءا من القيادة.. تستطيع الترشح في أي انتخابات
والإنخراط في العمل العام
ـ
لن أترشح للرئاسة وأتمنى على محمد دحلان خوض الإنتخابات بدلا من التحدث
عن شعبية تبلغ 90 بالمئة
ـ
يحق لهاني الحسن الترشح لرئاسة السلطة وحبش يريد خلق وسائط ضاغطة لعدم
ترشيح عباس للرئاسة
عمان ـ شاكر الجوهري:
إبرة مخدرة زرق بها ياسر عرفات في الثاني من الشهر الجاري بهدف تسهيل
أخذ خزعة من جسمه لإخضاعها للفحص سبقت دخوله في غيبوبة لم يفق منها حتى
اعلنت وفاته.
هذا
ما كشف عنه العميد جبريل الرجوب مستشار الأمن القومي للرئيس الراحل,
وعضو المجلس الثوري لحركة "فتح" في حوار جمعه مع نخبة من الكتاب
والصحفيين الأردنيين مساء السبت الماضي, حضرته "العرب".
الرجوب أكد في هذا الحوار أن فاروق القدومي لم ينتخب رئيسا لحركة
"فتح", وإن كان يشغل المرتبة التنظيمية الأعلى فيها، كونه أمين سرها,
وذلك لعدم وجود مثل هذ المنصب في حركة "فتح", وفي حال اختلاف القدومي
مع محمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بشأن السياسات
العامة, يقول الرجوب إن الإحتكام في هذه الحالة يكون للجنة المركزية
لحركة "فتح".. ذلك أن مرحلة الزعيم الأوحد قد انتهت. وهو يشير في موقع
آخر إلى أن غالبية اللجنة المركزية تدين بالنهج العرفاتي فيما يتعلق
بموضوع الحل الفلسطيني.
ويؤكد الرجوب أن "فتح" ستقر برئيس للسلطة الفلسطينية من حركة "حماس" إن
فاز في الإنتخابات, وكذلك فإنها ستقر بفوز "حماس" في الإنتحابات
التشريعية إن حدث ذلك, لأن الظاهرة الجزائرية لن تتكرر في فلسطين.
ويعلن أنه شخصيا لن يترشح لمنصب الرئاسة, لكنه يتمنى على العقيد محمد
دحلان خوض الإنتخابات الرئاسية أو التشريعية ما دام يعلن أنه فاز في
انتخابات "فتح" التنظيمية في قطع غزة بنسبة تزيد عن 90 بالمئة.
ويرى الرجوب أن هاني الحسن الذي يحتل الترتيب الرابع في اللجنة
المركزية لحركة "فتح" يحق له الترشح لانتخابات الرئاسة. ويقول إن صخر
حبش العضو الآخر في اللجنة المركزية يهدف إلى خلق وسائط ضاغطة لعدم
ترشيح محمود عباس لرئاسة السلطة الفلسطينية من خلال مطالبته عبر وسائل
الإعلام بعدم الجمع بين رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئاسة
السلطة.
وفيما يتعلق بسها عرفات, أرملة الرئيس الراحل يقول الرجوب أنها لم تكن
يوما جزءا من القيادة الفلسطينية, لكنها تستطيع خوض الإنتخابات إن
ارادت, والإنخراط في العمل العام.
هنا
نص الحوار:
ماذا عن وفاة ياسر عرفات، ولم تم اختيار فرنسا مكانا لعلاجه..؟
ـ
حين قررنا ارساله إلى فرنسا، كان ذلك جراء ثقتنا بالفرنسيين وقدرتهم
على معالجته. وبالمناسبة، لم يكن في وارد تفكيرنا أن تكون هذه رحلته
الأخيرة. وقد وضعنا في الإعتبار أيضا أن يكونوا قادرين على تحديد مرضه.
لذلك، نحن بالتأكيد سنحترم ما يقوله الفرنسيون بشأن اسباب وفاة عرفات،
دون أن يعني ذلك اغلاق الملف، لأن عالم اليوم هو عالم التطور
والتكنولوجيا، ونحن سنتابع هذا الأمر في حدود امكاناتنا وقدراتنا،
وسنحترم النتائج الفرنسية دون أن نتوقف عندها، وهذا حقنا.
أود
أن ألفت إلى أن هناك عظماء في التاريخ استشهدوا مثل هواري بومدين وجمال
عبد الناصلار، ولا يزال الناس يتساءلون حتى الآن كيف تمت وفاتهم.
وأود أن اؤكد أن علامة استفهام كبيرة تترتب على تغييب ياسر عرفات ستظل
تطارد الإسرائيليين والعالم إلى أن تقوم الساعة. ونحن سنتابع العمل مع
الفرنسيين من اجل الوصول إلى النتائج الصحيحة، وكذلك من خلال جهد
استخباري سيظل جزءا من اهتماماتنا وأولوياتنا حتى قيام الساعة.
ماذا بشأن التقرير الطبي الفرنسي، وما يقال من أن سها عرفات لن تسلمه
للسلطة..؟
ـ
سها تحدثت معي شخصيا وقالت إنها فور استلامها للتقرير ستضمن نقله
للسلطة والشعب الفلسطيني كما هو. وهذا حق مكفول ومضمون للشعب
الفلسطيني.
بالمناسبة، نريد أن نعرف منك حقيقة ما كان يتردد من معلومات متعارضة
حول غيبوبة الرئيس قبيل اعلان وفاته..؟
ـ
نقل الرئيس عرفات من رام الله إلى عمان ثم باريس وهو في حالة اعياء
شديد، وكان يحتاج إلى مساعدة آخرين كي يسير من غرفته في المقاطعة إلى
الطائرة المروحية التي نقلته لعمان، وكذلك من الطائرة الأردنية إلى
الطائرة الفرنسية التي نقلته لباريس يوم الجمعة 29 تشرين اول/اكتوبر
الماضي. وبعد وصوله باريس تحسنت صحته قليلا حيث ارتفع عدد الصفائح
الدموية لديه إلى حوالي 90 ألف صفيحة جراء العلاج الذي تلقاه، وظل كذلك
حتى يوم الثلاثاء الموافق الثاني من الشهر الجاري، حيث أعطي ابرة مخدرة
بهدف تسهيل الحصول على خزعة من جسمه لإخضاعها للفحص المخبري، لكنه لم
يفق من التخدير، وظل في حالة غيبوبة حتى وفاته. وقبل ذلك كان أجرى عدة
اتصالات هاتفية كان احدها مع وزير المالية استسفسر خلالها عن الوضع
المالي والرواتب وضرورة صرفها، كما إتصل مع أبو علاء ومنيب المصري وأبو
مازن، وتحدث مرتين مع ابنته زهوة، وكذلك اتصل مع الرئيس التونسي زين
العابدين بن علي.
لقد
استلمت سها التقرير أمس، هل سلمته للسلطة..؟
(أجري هذا الحوار مساء السبت الماضي)
ـ
أنا اتحدث عما قالته، والأمر لا يزال يحتاج لمتابعة. ثم إن الفرنسيين
قالوا أنهم سيزودون ناصر القدوة إبن أخت الرئيس، وممثل فلسطين في الأمم
المتحدة بنسخة من ذات التقرير.
الآن ماذا بعد عرفات..؟
ـ
تغييب عرفات في هذه المرحلة حدث في التوقيت الخطأ والمكان الخطأ
وبالطريقة الخطأ.
لماذا..؟
ـ
وجود ياسر عرفات في هذه المرحلة الحرجة كان ضرورة ملحة ومصلحة وطنية،
لما شكله من رمزية ولما شكله من عنصر وحدة في الشعب الفلسطيني. وأعتقد
أنه كرس كل حياته من أجل فلسطين، وكان يتمنى أن يموت في فلسطين. وهو
كمقاتل، كان يتمنى أن يسقط شهيداً في مواجهة مع الإسرائيليين.
هذه
العوامل مجتمعة شكلت حالة من الإرباك في الحياة السياسية والنظام
السياسي الفلسطيني، لكن طريقة الإستجابة السريعة والسلسة والهادئة في
التعاطي مع مقتضيات المرحلة، إن كان في نقل السلطة، وإن كان في تفعيل
المؤسسات والأجهزة بشقيها المدني والأمني، عكست وعبرت عن وجود مؤسسة،
وكانت برهاناً حياً على أن الواقع الفلسطيني لم يكن مرتبطاً بشخص ياسر
عرفات، لكن تأثيره كان طاغياً بحكم التاريخ والكاريزما والدور والعلاقة
المباشرة التي ربطته بكل فلسطيني.
كل
هذا لا يتعارض مع حقيقة أنه كانت هناك مؤسسة، وأن المؤسسة تعاملت مع
الحدث بمسؤولية، وبالرغم من عمق المأساة والحدث، إلا أنها استطاعت أن
تتدارك وتفعل ذاتها، وتنقل السلطة بشكل مثل مفخرة للشعب الفلسطيني،
سواء فيما يتعلق بمسألة رئيس السلطة، أو رئاسة منظمة التحرير، وما ترتب
على ذلك من تداعيات.
في
السياق العام، بالتأكيد يوجد لدى القيادة الفلسطينية شعور بوجود
تحديات. شعور بأن ياسر عرفات بعظمته وفروسيته وقدرته لم يعد موجودا
بيننا. وبالتالي، فإن القيادة السياسية هي الآن في مواجهة مباشرة مع
التحديات.
ثلاثة تحديات
ما
هي هذه التحديات..؟
ـ
بالنسبة لي فإني أرى أن التحديات الوطنية الماثلة امام النظام السياسي
تنحصر في ثلاث مسائل، اولها متصلة بالحصار، سواء أكان سياسيا أو أمنيا
أو اقتصاديا. وثانيهما متصل بالأمن.. أمن المجتمع الفلسطيني، والقضاء
على ظاهرة الفلتان الأمني التي كانت موجودة. وثالثتهما يتعلق بتكريس
قناعة بأن الدولة الفلسطينية لم تدفن في مقر المقاطعة مع ياسر عرفات.
في
رأيي أن هذه التحديات الثلاثة هي التي تواجه حاليا النظام السياسي
الفلسطيني. وستكون الأيام المقبلة هي المحك لإثبات قدرة أو عدم قدرة
النظام السياسي الفلسطيني على مواجهة التحديات، لأن هذا النظام هو الآن
في حال تماس مباشر مع هذه المسائل.
بالنسبة لحركة "فتح" التي تتحمل مسؤولية قيادة الشعب الفلسطيني، وهي لا
تزال تتحمل مسؤولية تصميم الإيقاع السياسي والنضالي الفلسطيني انطلاقا
من موقعها وتاريخها وتراثها، وكونها لا تزال تمثل الجسم التنظيمي
الأكبر والأقدر على أن يكون قريبا من الحلم والأمل الفلسطيني، اتخذت
قرارا منذ اللحظة الأولى يخص مسألة نقل السلطات، واعتبار شرعية
المؤسسات في شكلها الحالي هي الممر الآمن للإنتقال إلى المرحلة الثانية
المتصلة بتجديد شرعية المؤسسات من خلال انتخابات وطنية عامة. ولذلك،
نحن لدينا قرار بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وبلدية.
هل
تتوقع نجاح النظام السياسي الفلسطيني في مواجهة هذه التحديات..؟
ـ
أعتقد أن عوامل النجاح والإنتصار للنظام السياسي الفلسطيني أكثر من
عوامل الفشل.. سواء على الصعيد الذاتي، أو الإقليمي والدولي.
أعتقد أن الظروف سانحة، والعوامل المساعدة ستوفر للنظام السياسي الجديد
القدرة على اجتياز كل التحديات، وكل المسائل التي كان يمكن أن تشكل
عوائق تحول دون النجاح.
هل
تتوقع أن تجرى الإنتخابات بشكل سلس..؟
ـ
أنا متيقن من أن الإنتخابات ستسير بشكل صحيح، ولن تكون هناك مشكلة، لأن
هناك قناعة لدى الطبقة السياسية والنخبة، وكل الأطياف السياسية، بأن
المسار الديمقراطي هو الضمانة لمشروعنا التحرري. هذه مسألة لا نقاش
حولها. الفشل غير وارد اطلاقاً. بالعكس، هناك اتفاق واجماع بين أقصى
اليمين وأقصى اليسار ضد الفردية والدكتاتورية والوصاية. وكل السمفونيات
التي لحناها منذ انطلاق الثورة وحتى الآن، التعاطي معها، من وجهة نظري،
غير منفصل بأي صيغة خارج دائرة النهج الديمقراطي والإنتخابات، التي هي
أحد المسارات موضع الإجماع في النظام السياسي الفلسطيني، كما لدى
النخبة السياسية الفلسطينية.
كان
هناك نقاش عميق وجذري، كما أن هناك قرار لدى حركة "فتح" بتجديد شرعية
المؤسسات من خلال انتخابات ديمقراطية، بما في ذلك داخل حركة "فتح"
ذاتها. الانتخابات الآن هي الممر الآمن لتجديد الشرعية، وهو ممر متصل
باستخدام شرعية المؤسسات القائمة، حتى وإن كانت هشة، وإن كان جزء منها
أصبح منتهي الصلاحية. نحن اعتقدنا واقتنعنا بأن الأقل اثارة للإشكالات
هو مرجعية المؤسسات الموجودة، بغض النظر عن قوة شرعيتها، على أن يكون
ذلك ممراً آمناً باتجاه تجديد الشرعية من خلال انتخابات وطنية عامة..
أي انتخابات مجلس تشريعي جديد ورئيس جديد ومجالس بلدية ومحلية جديدة.
القانون الأساسي الفلسطيني ينص على اجراء الإنتخابات الرئاسية خلال
فترة لا تتجاوز الستين يوماً. ومشروع قانون الإنتخابات الجديد لم يقر
بعد، غير أنه بالإمكان اقراره من قبل المجلس التشريعي في أي لحظة، يقول
إن الإنتخابات التشريعية يجب اجراؤها خلال تسعين يوماً من تاريخ مصادقة
رئيس السلطة على القانون. لذلك، لم تكن هناك أي امكانية لإجراء
انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة.
ونحن نعمل الآن على اجراء الإنتخابات التشريعية خلال النصف الأول من
العام المقبل 2005، وهناك قرار يقضي بتجديد شرعية المجلس التشريعي، ولا
تراجع عن هذا القرار.
تجاوزنا الصراعات الحلقية
ألا
تعتقد أن عدم تعيين نائب للرئيس عرفات طوال الفترة الماضية شكل خطأً..؟
ـ
ليس صحيحاً.. ها هو الرئيس عرفات قد مات، ولم يحدث لدينا فراغ دستوري.
ثم إن القانون الأساسي ينص على تولي رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة
بشكل مؤقت في حال غياب الرئيس. وحتى لو كان هناك نائبا للرئيس، فإنه
يتوجب أن يكون هناك نصا دستوريا يجدد فترة صلاحياته وامكانية التجديد
له من عدمه.
غاب
رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فأصبحت كل الصلاحيات بيد أمين
سر اللجنة. وكذلك، فإن الرئيس المؤقت للسلطة يتمتع بكامل الصلاحيات
التي ينص عليها القانون الأساسي. وخلال ستين يوما سيتم انتخاب رئيس
جديد.
ما
الذي تعنيه مطالبة الفصائل الفلسطينية بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية
وبلدية ومحلية بشكل متزامن، وما الذي يعنيه قول أمين سر اللجنة العليا
للإنتخابات أن اجراء الإنتخابات ممكن سياسيا لكنه أمر معقد في ذات
الوقت..؟
ـ
بغض النظر عما يقوله أمين سر اللجنة العليا للإنتخابات، فإن قرارنا هو
اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، لا نستطيع تأجيل الإنتخابات الرئاسية
لأكثر من ستين يوما، ولا نستطيع تقديم الإنتخابات التشريعية لأقل من
تسعين يوما.
ماذا عن الإنتخابات البلدية..؟
ـ
سبق للرئيس أبو عمار أن صادق على قرار باجرائها، والأمور تسير باتجاه
اجرائها. وستجرى الإنتخابات في الأطر الثلاثة المشار إليها، بحيث سيكون
لدينا قبل الأول من حزيران/يونيو المقبل مجلس تشريعي جديد، ورئيس جديد،
ومجالس بلدية وقروية جديدة.
وأود أن اؤكد هنا أنه لن تجرى أي انتخابات ما لم يشارك فيها أهل القدس.
وهذه مسؤولية الأسرة الدولية والأميركان واللجنة الرباعية. لا يمكن أن
نقبل بما هو دون سابقة انتخابات 1996 فيما يتعلق بآلية اجراء
الإنتخابات والأسلوب الذي يمكن اتباعه.
هذه
مسألة محسومة لدينا. لن تكون هناك انتخابات ما لم يعط أهالي القدس حق
المشاركة فيها، كما حصل في انتخابات 1996، وبموجب ذات الشروط
والمواصفات.
القبول بفتوح
هل
تتوقعون صراعات على الخلافة في مقبل الأيام..؟
ـ
الصراعات الحلقية على النظام تم تجاوزها. والشعب الفلسطيني قبل أن
يتقدم روحي فتوح ويتولى الرئاسة مؤقتا مع أنه لم يكن من الصفوف الأولى.
وهذا القبول اقرار بأن الشعب يقبل أصول اللعبة الديمقراطية.
هل
فاز فتوح برئاسة المجلس التشريعي من خلال اصول اللعبة الديمقراطية أم
جراء ضغوط عرفات على اعضاء المجلس التشريعي..؟
ـ
هذه لعبة ديمقراطية.. اعضاء المجلس التشريعي 88 نائبا منتخبون، ليس
صحيحا أن ياسر عرفات كان يحركهم بواسطة ريموت كونترول، أو يمكن أن
يحركهم أحد بهذه الطريقة. وفي المحصلة النهائية، فإن لدى كل نظام سياسي
توجهات يسعى لتمريرها في كل المؤسسات الدستورية. لكنه في المحصلة، كان
قرار الشعب الفلسطيني الإحتكام إلى شرعية المؤسسة القائمة. أكبر دليل
على ذلك أنه لا يوجد لدينا جيش، أو مخابرات، أو قوة. كل ما لدينا هو
الغرفتان اللتان كان محاصرا فيهما أبو عمار. تم تنصيب روحي وصفق له كل
الشعب الفلسطيني. ويتم التعامل معه كرئيس للشعب الفلسطيني من موقع
الإلتزام بشرعية المؤسسة، دون أي شيء آخر.
ولو
كان هناك لجوء للبلطجة، فإن اربعة أو خمسة مسلحين كان بإمكانهم أن
يقولوا "كل واحد يروح على بيته، ويروح الجميع".
لذلك اؤكد عدم وجود صراعات حلقية، ولن يكون هناك احتكام لغير صندوق
الإقتراع الذي لا يعرف كبيرا أو صغيراً. وهذه المسألة تم اقرارها
بالإتفاق بين كل الأطياف والقوى السياسية من أقصى اليمين لأقصى اليسار,
لا احتمال لحدوث اقتتال، أو صراع بين اجيال أو أشخاص. بالتأكيد هذه
لعبة ديمقراطية نلتزم بها انطلاقا من التزامنا بوحدة شعبنا ووحدة
قضيتنا وقيادتنا في اطار مؤسسي يسعى كل واحد منا في اطار سيادة القانون
إلى تكريس نهجه وفكره السياسي. وبالتأكيد أن أداة القياس في هذه
الإنتخابات تتمثل في مسألتين:
الأولى: الشخص وتراثه.
الثانية: البرنامج الذي سيطرحه.. البرنامج السياسي والنضالي وبرنامج
الإصلاح الإداري والإقتصادي والقضائي..الخ..
لن
نكرر ظاهرة الجزائر
والشعب هو الأحق والأقدر على اختيار من يريد عبر صناديق الإقتراع. ونحن
في "فتح" سنمارس هذه العملية ونحترم من تأتي به صناديق الإقتراع بغض
النظر عن الشخص الذي يمكن أن يفوز. ولن تكون لدينا مشكلة إن نجح مرشح
"حماس" أو الشعبية، أو شخص مستقل. لن تكون لدينا مشكلة إن نجح شخص من
خارج "فتح". سنلتزم بنتائج الإنتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية
بغض النظر عن شخص الفائز. ظاهرة الجزائر لن تتكرر في فلسطين.
بالمناسبة، أريد أن اؤكد على أن نزاهة الإنتخابات التي ستجرى لن يرقى
إليها أي شك من خلال مجموعة ضوابط سنعمل على ايجادها بما يضمن النزاهة،
وهي اجراءات لها علاقة برقابة دولية واقليمية، وسنتوجه لكل المؤسسات..
الجامعة العربية، الأمم المتحدة، واللجنة الرباعية وكل المنظمات
العالمية ذات العلاقة بالنهج الديمقراطي لأن تشرف على الإنتخابات
الفلسطينية وتراقبها. وهذا ما حدث في انتخابات 1996، حيث اشرف الرئيس
الأميركي السابق جيمي كارتر على تلك الإنتخابات، وكان هناك وفد اردني
برئاسة الدكتور عبد السلام المجالي.
وأريد أن اؤكد كذلك، وأنا فتحاوي حتى النخاع، أننا سنحترم نتائج
الإنتخابات، وحركة "حماس" هي جزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني ببعد
اسلامي، وهي من الخلايا الحية والنشطة في مجتمعنا، وحركة "حماس" تعاطت
خلال السنة الماضية بمسؤولية وبنضج أعتقد أنه أثلج صدور الفتحاويين.
والضمان الأهم لنزاهة الإنتخابات هو التربية الفتحاوية، ووجود موازين
قوى داخلية في حركة "فتح" أولا، وفي المجتمع الفلسطيني ثانيا، تحتم
القبول بالنتائج كما هي. ونحن لا نتحسس من فوز حركة "حماس" إن كان في
المجالس البلدية أو المجلس التشريعي، بل وحتى في الإنتخابات الرئاسية.
ثم
إن هناك حوار وطني فيما يخص العملية السياسية سيقود لاتفاق في أقرب
فرصة ممكنة متصل ببرنامج سياسي نضالي، ويحدد اسباب واهداف نضالنا
وتكتيكاتنا ووسائلنا النضالية. وهذه مسألة أيضا غير خاضعة للنقاش.
وأعتقد أن الحركة الإسلامية الفلسطينية هي حركة وطنية، وكذلك
براغماتية، وواقعية وتعاملت وتتعامل وفقا للتطورات بمسؤولية وادراك.
إذا
حصلت انتخابات وفازت "حماس" بها لن تكون هناك مشكلة فلسطينية، ولا
أعتقد كذلك أنه سيترتب على ذلك مشكلة اقليمية أو دولية، لأنه واضح أن
"حماس" ستشارك في الإنتخابات من موقع ادراكها أن الحل قائم على اساس
دولتين لشعبين.
ولو
كنا لا نريد احترام نتائج الإنتخابات، فإن لدينا ذرائع يمكن توظيفها
لعدم اجراء الإنتخابات مثل وجود الإحتلال وسياسات الإغلاق التي
يمارسها، وتقطع اوصال الأراضي الفلسطينية وتحول دون التتنقل داخلها.
لذلك، من الخطأ أن نصف القيادة الفلسطينية بالمستسلمة أو غير مستسلمة.
هذا ليس صحيحاً.. الشعب الفلسطيني يعرف من هو أبو مازن ومن هو أبو علاء
ومن هو محمد وحسين وحسن.. وسيصوت من موقع ادراكه، أولاً بسبب متطلبات
المرحلة، وثانيا من فهمه لتاريخ ورؤية الشخص المعني. ولا يجوز أن ننساق
وراء وسائل الإعلام الإسرائيلية. اسرائيل كانت في مأزق، وكذلك
الأميركان بسبب حصار أبو عمار. الآن ربما هم يبحثون عن سلم ينزلهم من
فوق الشجرة باعتبار أن قيادة فلسطينية تتشكل الآن، ولها سياسة ومفاهيم
جديدة.
إلى
ذلك، قد يكونوا معنيين بتشويه هؤلاء الناس من خلال خلط الأوراق من جديد
الذي ليس في صالح شارون أو الحكومة الإسرائيلية. بالعكس الصيغة الجديدة
ستشكل عناصر ضاغطة على هذه الحكومة كي تقدم استحقاقات في المرحلة
المقبلة.
وأريد أن اؤكد أنه لن تكون هناك حركة بإتجاه الإسرائيليين قبل اعادة
ترتيب البيت الفلسطيني والوصول لبرنامج وفاق بين كل القوى السياسية
الفلسطينية. سنتفق مع كل القوى السياسية على برنامج سياسي نضالي متصل
بتحقيق اهدافنا، وبوسائلنا لتحقيق هذه الأهداف. هذه المسألة ليست خاضعة
للنقاش، وليست متصلة برغبة شارون أو آرائه أو طموحاته، إنما هي متصلة
بوضعنا الداخلي.
ياسر عرفات الذي كان يمثل خيمة تظلل على كل شيء، كان قادراً على احتمال
كل شيء، لم يعد موجوداً الآن. لذلك فإن أي قيادة جديدة لا بد من أن
يكون لديها برنامج سنحتكم إليه من خلال رؤية واضحة وأداء واضح له علاقة
بالإسرائيليين. وأريد أن اؤكد ثانية أنه لن يكون هناك حركة بإتجاه
الإسرائيليين أو مفاوضات وتجديد العملية السلمية قبل تحقيق وفاق وطني
فلسطيني والوصول لإتفاق بين كل القوى والأطياف الوطنية الفلسطينية من
"حماس" إلى "فتح".
انتهاء مرحلة الزعيم الأوحد
كان
مفاجئا بعد وفاة ياسر عرفات اتجاه حركة "فتح" لترشيح محمود عباس رئيسا
للسلطة، واختياره بالفعل رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، علما
أن عرفات كان شارك في اسقاط حكومة أبو مازن، بل يقال أنه حرض الجمهور
على الهتاف ضده باعتباره "قرضاي فلسطين" ورشقه بالحجارة عند مدخل
المجلس التشريعي، ما دعاه للإستقاله.
قبل
ذلك، أبو مازن أظهرته استطلاعات الرأي، حين كان رئيسا للوزراء، أنه
يحظى بتأييد أقل من اثنين بالمئة من الشعب الفلسطيني.
ما
سبق يدعو للتساؤل عما إذا كانت حركة "فتح" بغض النظر عن كل ما تفضلت
به، تتجه للإنتقال من مواجهة بعض الفصائل الفلسطينية إلى مواجهة الشعب
الفلسطيني..؟
ـ
ابتداء. السائل ليس بيروميتر لقياس مزاج الشعب الفلسطيني والرأي العام.
ولا عليك من دراسات كوكلي ودراسات خليل الشقاقي. في المحصلة النهائية،
أبو مازن سيأتي ببرنامج، وليس مثل عرفات الذي كان عنصر وحدة للمؤسسة
ولأدوات النضال، سواء أكانت اسلامية أو ماركسية أو وطنية. هكذا كان
ياسر عرفات. اختلف معه الجميع، ولكن لم يختلفوا على مكانته أو شرعية
قيادته.
كفتحاوي اقول لك إن مرحلة الزعيم الأوحد انتهت بالنسبة لنا. مرحلة
الخيمة العرفاتية انتهت. الآن البرامج والأنظمة والإلتزام بالقوانين هي
أداة القياس بالنسبة لنا ولنهجنا ومصداقيتنا. وأنا أعتقد أن ما ذكرته
عن حكومة أبو مازن ودور أبو عمار في اسقاطها افتراء ولا علاقة له
بالحقيقة.
ولكن في المحصلة، الشعب الفلسطيني شعب مسيس ويفهم، ويدرك.. وهو لن يسمح
لأحد أن يملي عليه نهجه أو سياسته، يوجد لدينا صناديق اقتراع، وتفعيل
الشارع، ومائة أداة لخلق عناصر ضاغطة.
الإستهانة بالنخبة السياسية والفصائل وكل القوى السياسية ليس عدلاً أو
انصافا. أبو مازن لن يعيش في برج عاجي يملي شروطه منه. سيطرح نهجا،
وأنا أعتقد أن شارون وبوش هما اللذان يتحملان مسؤولية فشل حكومة أبو
مازن، لأنهما لم يقدما لأبي مازن شيئا. بالعكس، هما خلفا قناعة بأنهما
لا يبحثان ولا يقبلا بشريك فلسطيني، حتى ممثلا بشخص أبو مازن وحكومته.
إلى
ذلك نحن لا نستطيع أن نظلم أبو مازن الذي هو من القيادة التاريخية،
وأريد أن أشهد هنا لصالحه بأنه في قمة كامب ديفيد (تموز/يوليو 2000)
كان يقف إلى يسار ياسر عرفات، وليس إلى يمينه لجهة الموقف مما عرض. يجب
أن لا ننجر خلف ما يقال ويشاع في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
أنا
لا أعرف من سيكون مرشح "فتح" لرئاسة السلطة، إذ أنه مطلوب من اللجنة
المركزية أن تنسب مرشحا للرئاسة، قد يكون من "فتح" أو من خارجها، وقد
يكون شخصية مستقلة، لكن هذا التنسيب سيعرض على المجلس الثوري الذي
يمتلك حق المصادقة أو الرفض، وحق طرح البديل. وإذا كان هناك مرشح فإن
كل "فتح" ستقف وراءه.
أكرر ثانية، من الآن فصاعداً، أداة القياس ستكون هي السلوك والأداء
والبرامج، لا الأفراد.
ياسر عرفات كان مقبولا منه كل شيئ، الشعب الفلسطيني كان يقبل كل شيء من
ياسر عرفات. وهذه المرحلة انتهت، ولا داعي لاستمرار الخوض فيها. ولن
يكون أبو مازن، أو أي شخص يخلف عرفات، ولن يكون بإمكانه أن يكون نسخة
من عرفات. لا يستطيع. هذه مسألة لا يمكن تكرارها.. ياسر عرفات كان حالة
استثنائية في كل شيء.
أبو
مازن معروف موقفه ورؤيته وتصوره ونهجه لكل الشعب الفلسطيني، وبإمكان أي
أحد أن ينافسه.
حبش
يريد وسائط ضاغطة
يقال أن أبو مازن لم يبد رغبة حتى الآن بالترشح..؟
ـ
لا أدري. نحن سندرس الآن كل الخيارات المطروحة ونتبنى مرشحا واحداً
باسم "فتح". وهو المرشح الذي نعول عليه أن ينجحنا وينجح مشاريعنا
وبرامجنا، بغض النظر عن شخصه ومكان وجوده. وإذا كانت شعبية أبو مازن
تقل عن اثنين بالمئة، فهذه نسبة تدعو للشك في امكانية نجاحه.. و"المية
بتكذب الغطاس"..!
لا
يبدو أن هناك اجماعا داخل "فتح" على ترشيح أبو مازن. وصخر حبش عضو
مركزية "فتح" يعارض علنا الجمع بين رئاسة اللجنة التنفيذية ورئاسة
السلطة. وهناك من يزكي هاني الحسن من تحت الطاولة ليكون رئيساً
للسلطة.. التوافق لم يحدث رغم المصالحة التي جرت بين محمد دحلان وموسى
عرفات، وبين دحلان وأحمد حلس..؟
ـ
هذه المصالحات ليست هي جوهر القضية الفلسطينية أو الفتحاوية.
أنا
أعتقد أن تصريح صخر حبش وغيره في هذا الإتجاه هي شهادة براءة لحركة
"فتح" بأنها حركة ديمقراطية. صخر حبش طرح رأيه خارج المركزية وعبر
وسائل الإعلام في محاولة منه لخلق وسائط ضاغطة على الحركة لعدم ترشيح
عباس.
أنا
أقول نيابة عن صخر حبش ونيابة عن كل الناس الذين يبدون مواقف متعارضة
أو متباينة بأنهم سيلتزمون بالقرار الذي تتخذه الأغلبية في حركة "فتح"،
ونحن حركة تحرر وطنية، ولسنا حزبا.. ولم نلتزم دوما برأي أبو عمار. لقد
اختلفنا معه في الكثير من القضايا المركزية وصوتنا في الإتجاه المعاكس
لموقفه، فما بالك بعد تغييب أبو عمار. ونحن سنحتكم في اللجنة المركزية
والمجلس الثوري إلى التصويت، وإلى رأي الكادر الذي سنقوم باستمزاج
رأيه، ونحدد في ضوء ذلك من هو الفارس القادر على قيادتنا والإنتصار
بنا، أو أن ننتصر به في صناديق الإقتراع.
فيما يتعلق بهاني الحسن، فهو عضو لجنة مركزية في حركة "فتح" يحتل
الترتيب الرابع في اللجنة، ولا مانع في ترشيحه رئيسا للسلطة إن أقرت
اللجنة ذلك وتبناه المجلس الثوري. هذه مسألة ديمقراطية لا توجد مشكلة
عند أحد. قد نأتي بشخص من الصف الثاني أو الثالث ونقرر ترشيحه.
تمايزوا يا قوم
قررت حكومة أحمد قريع فور وفاة ياسر عرفات انهاء فوضى السلاح. ما هو
المقصود بفوضى السلاح..؟
ـ
قلت في البداية أن الأمن هو واحد من ثلاثة تحديات تواجهنا في مرحلة ما
بعد عرفات. حالة التناقض بين المجتمع الفلسطيني والفلتان الأمني وصلت
إلى القمة، ولم تعد هناك امكانية للتعايش بين مصلحتنا ومتطلبات المرحلة
التي نمر بها، واستمرار هذه الفوضى. وهذا الموضوع سنقوم بمعالجته في
اتجاهين: تجاه متصل بالفصائل والمليشيات ذات الأجندة السياسية، وذلك من
خلال الحوار والإتفاق. ولن يكون هناك صدام معهم. وهناك مسار آخر متصل
بالبلطجية الذين لا أجندة سياسية لديهم، وليسوا جزءا من حركة سياسية.
هؤلاء سنواجههم، وسنضبطهم، وتوفر كل مستلزمات تحقيق الأمن.
من
هم هؤلاء البلطجية..؟
ـ
الآن يوجد خلط، ولا بد من أن يكون هناك فرز. غدا لا بد من أن نقول
"تمايزوا يا قوم". عندما نريد التفاهم مع "حماس" لا بد من أن نقول
"تمايزوا يا قوم".
بالتأكيد أن المسيسين سيكونوا منضبطين، وسيلتزموا بالإتفاق الذي يتم
التوصل إليه، والبقية إما أن ينضووا في اطار الإتفاق أو أن يستسلموا.
في
ظل الحالة الفوضوية الراهنة هناك عناصر من طراز الذين يفتعلون مشكلة في
بيت عزاء، أو الذي يقوم باختطاف مسؤول..الخ.. هذا لا يمكن أن يكون متصل
بمشروع وطني.
يجب
أن نتفق مع القوى السياسية على ضبط السلاح والأداء والإيقاع المتصل
بسيادة القانون، وهذا سيؤدي إلى عملية فرز. بالطبع، سيتم كذلك الإتفاق
على قضايا النضال والصواريخ وغيرها. غير مسموح لأي فصيل أن يفرض أجندته
على الشعب الفلسطيني. لذلك نتحدث عن حوار، يؤدي إلى وفاق واتفاق، دون
وجود برنامج قصري يفرضه أي فصيل. لا بد من اقرار التكتيكات النضالية
التي من شأنها خدمة القضية الفلسطينية، ولا بد من تجنب التكتيكات التي
سببت أو يمكن أن تسبب ضرراً. هناك الكثير من القضايا لم تعد مقبولة،
وتحديداً هل نريد دولة فلسطينية أم أننا نريد أن ننتقم..؟ إذا كنا نريد
دولة فلسطينية يجب أن نتفهم الشرعية الدولية التي تقول إن النضال حق
مشروع، لكن في المناطق المحتلة وضد الإحتلال. واسرائيل هي وديعة
للأميركان والأوروبيين في المنطقة، لا يسمحوا باستمرار التفجيرات التي
تستهدفها، خاصة بعد 11 ايلول/سبتمبر، واستمرار استهداف المدنيين داخل
الخط الأخضر. هذه يجب أن تحسم.
القدومي ليس رئيسا لـ"فتح"
إذا
تناقضت السياسات والمواقف بين أبو مازن وأبو اللطف، من منهما سيكون
مرجعية "فتح".. رئيس اللجنة التنفيذية أم رئيس حركة "فتح".. خاصة بشأن
الموقف السياسي من التسوية وعمليات ضبط السلاح..؟
ـ
أولا لا يوجد في حركة "فتح" ونظامها الداخلي شيء اسمه رئيس الحركة، هذه
قرأناها في الصحف أو سمعناها في وسائل الإعلام. نحن لدينا أمين سر
اللجنة المركزية وقرار اللجنة المركزية.
لم
يصدر بيان عن حركة "فتح" باختيار أبو اللطف رئيسا للحركة. أنا استمعت
لذلك من الفضائيات منسوبا لمصدر لم أعرفه حتى الآن.
لقد
صدرت بيانات بتوقيع فاروق القدومي بصفته رئيسا للجنة المركزية، وقد
اطلعنا على بعضها..؟
ـ
هذا غير صحيح. لا يوجد في النظام الأساسي لحركة "فتح" موقع اسمه رئيس
الحركة..؟
هذا
ما نعرفه، لكن عرفات كان معلنا أنه رئيس الحركة وقد خلفه القدومي في
موقعه..؟
ـ
أنا اطلعت على رسالة واحدة من القدومي موقعة بصفته أمين سر اللجنة
المركزية. لم يعقد اجتماع للجنة ولم ينتخب أحد رئيسا للحركة.
وعودة إلى جوهر السؤال، إذ حدث تعارض بين موقفي أبو اللطف وأبو مازن
فإن الإحتكام يكون للجنة المركزية وهي صاحبة القرار من خلال التصويت.
وهذا لا يتنافى مع حقيقة أن أبو اللطف هو صاحب أعلى مرتبة تنظيمية في
حركة "فتح"، ونحن نحترم ذلك، لكن الإطار هو الذي يقرر. مرحلة "ون مان
شو انتهت" في "فتح" وفي منظمة التحرير.
حكومة وحدة وطنية
ما
احتمالات تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم التيار الإسلامي، وما امكانية
قبول اسرائيل التعامل معها..؟
ـ
هذا ممكن بعد الإنتخابات. واسرائيل يمكن أن تتعامل مع حكومة تضم وزراء
من "حماس".
نحن
نتطلع لتحقيق وفاق وطني. الضمانة بعد تغييب ياسر عرفات هو برنامج وفاق
واجماع وطني. ولذلك هناك حوار جدي ومعمق مع الإخوة في "حماس" والجهاد
الإسلامي وبقية الفصائل خارج منظمة التحرير، بما يضمن اقرار برنامج
سياسي وصيغة تنظيمية تمكنهم من المشاركة في صناعة وتصميم الإيقاع
السياسي للشعب الفلسطيني من موقع الإلتزام بشرعية المنظمة.
إذا
أقر هذا الإتفاق، الذي سيتم بمباركة المصريين والأوروبيين، وهو اتفاق
متصل بالأجندة الفتحاوية التي تريد اقامة دولة فلسطينية في الضفة
الغربية وقطاع غزة وشرق القدس، أعتقد أن هناك الكثير من القضايا
السياسية تنتهي وتحسم. وبرأيي أن "حماس" حركة براغمانية أكثر منا. وقد
بدأت تدرك متطلبات المرحلة بشكل لا يقل عن ادراكنا لها. واشراكهم في
الحكومة له علاقة بشرعية منظمة التحرير والاستحقاقات التي كانت مطلوبة
من المنظمة لإضفاء الشرعية عليها على المستوى الوطني والإقليمي
والدولي.
في
هذه اللحظة نحن نتحدث عن صيغ مختلفة عن الصيغ القائمة الآن والبرامج
القائمة.
الموضوع الآخر له علاقة بإسرائيل. لن تكون هناك اتصالات مع
الإسرائيليين، ولن تكون هناك حركة فلسطينية في اتجاه المفاوضات قبل
الإتفاق على برنامج الوفاق الوطني.. بعد أن نلملم بيتنا، ونصلب موقفنا
ببرنامج يوافق عليه الكل الفلسطيني. سنتحرك باتجاه الإسرائيليين
وغيرهم.
هل
سيكون من حق الفلسطينيين في الخارج المشاركة بالتصويت في الإنتخابات..؟
ـ
طبعاً. وأنا أعتقد بضرورة العمل على ايجاد صيغة تمكنهم من ممارسة هذا
الحق.
ما
هو السيناريو الفلسطيني الذي تتوقعه خلال الأشهر القليلة المقبلة..؟
ـ
الأولوية الأولى في هذا السيناريو هو تجديد شرعيتنا من خلال صناديق
الإقتراع، إلى جانب الحوار والوفاق الوطني، وفك الحصار عن الشعب
الفلسطيني، وذلك من خلال عمقنا الإقليمي. وبالتأكيد هناك اطراف عربية
ستلعب دورا، وسيكون لها دور فاعل ومؤثر في مساعدتنا للنهوض بالتزاماتنا
والاستحقاقات المطلوبة منا اتجاه شعبنا وقضيتنا، والإستقرار الإقليمي.
برأيي أن السيناريو الفلسطيني في اطاره السياسي يجب أن تكون لديه شرعية
وطنية من خلال الإنتخابات. وإذا كان الأمر متعلق بالبعد الإقليمي
والدولي، فإن هذه المسألة ستتم مراعاتها قطعا في كل الصيغ التي تحدثنا
ونتحدث عنها، ونحن عملنا تحت مظلتها على مدار السنوات العشر الماضية،
وهي منظمة التحرير، التي هي جزء من المنظومة العربية، ولديها شرعية
عربية ودولية.
هل
هنالك ضمانات اسرائيلية بتسهيل اجراء الإنتخابات..؟
ـ
لم ولن نطالب بضمانات اسرائيلية. نحن نطالب بضمانات اقليمية ودولية
ورقابة دولية للعملية الإنتخابية. ولذلك توجهنا للجنة الرباعية
والأميركان والمصريين والأردنيين وكل الأطراف ذات العلاقة بالصراع بما
يضمن أن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
سها
ليست قائدة
ما
حقيقة الموقف بالنسبة لأموال "فتح" ومنظمة التحرير، وأين هي الآن بعد
وفاة عرفات وما هو دور سها عرفات مستقبلا بعد وفاة زوجها..؟
ـ
سها عرفات زوجة ياسر عرفات وسنحترمها على هذا الأساس حتى قيام الساعة،
لكنها لم تكن يوما جزءا من القيادة السياسية. من حقها أن تنخرط مستقبلا
في العمل العام والعمل السياسي، وتستطيع أن ترشح نفسها في أي انتخابات
ديمقراطية لكل المواقع والمناصب.
أما
موضوع الأموال، فقد كان عرفات على مدى السنوات الأربع الأخيرة يتعرض
لملاحقة حثيثة من اميركا واسرائيل، وأعتقد أن رقابة الأميركان على نقل
الأموال والأرصدة في العالم تمكنهم من كشف أي حساب أينما كان. ما يتردد
بشأن اموال السلطة افتراء. نحن محاصرون اقتصاديا منذ 1990، بعد حرب
الخليج، وذلك بموجب قرار اميركي. وقد حصل انفراج خلال السنوات الأولى
من عمر السلطة، وأعتقد أنه لو كانت لدينا آبار نفط الخليج لنضبت. ما
يقال عن اموال فلسطينية غير واقعي أو منطقي، وغير صحيح.
غير
أنه ستكون هناك بالتأكيد لجنة لحصر املاكنا واموالنا بعد وفاة الرئيس.
وإذا كانت هناك اموال سرية فإنها بالتأكيد ستتضح، ولا مبرر لبقاء أي
شيء سراً. وأي شيء له علاقة بياسر عرفات أو اسمه، كان في دائرة الضوء
على كل المستويات، وذلك برغبة اميركية ـ اسرائيلية، تهدف للإساءة له.
بالمناسبة، هل تفكر في ترشيح نفسك للرئاسة..؟
ـ
قطعا لا.
لماذا..؟
ـ
لمائة سبب وسبب اعفوني من ذكرها.
وماذا عن دحلان..؟
ـ
أنا أتمنى عليه أن يخضع نفسه للإنتخابات، وأن يرشح نفسه للرئاسة أو
للمجلس التشريعي من خلال الحركة أو خارجها، بدلاً من أن يقول أنه
يستطيع الفوز بنسبة 90 بالمئة. هنا المحك وهنا الإختبار.
"المركزية" عرفاتية
يعتزم اربعة وزراء خارجية دوليين زيارة الأراضي الفلسطينية قريبا
وبالتتابع. لماذا، وماذا ستقولون لهم..؟
ـ
القضية الفلسطينية تمر الآن في أوج قوتها، ونحن يجب أن نوظف هذه الحالة
والظرف لصالح قضيتنا، لاحتواء العدوان وتعزيز مكانتنا الإقليمية
والدولية. وبالتأكيد أن هذه الحركة الدبلوماسية الدولية باتجاه فلسطين
هي مسألة يجب التعاطي معها بنفس الحجم والمستوى المطلوب منا، لتعرية
الطرف الآخر الذي لا يزال خياره هو خيار الحسم العسكري والحرب والقوة
والإستيطان وقضم الأراضي الفلسطينية. وبرأيي أن هذه فرصة للشعب
الفلسطيني ونظامه السياسي وسيحسن استغلالها، سواء في اللقاء مع كولن
باول، أو مع وزراء الخارجية الآخرون، أو في اجتماع قد يعقد على هامش
مؤتمر شرم الشيخ الخاص بالعراق.
الآن ماذا عن البرنامج السياسي بعد ياسر عرفات..؟
ـ
هو البرنامج الذي أقره المجلس الثوري بالإجماع في شباط/فبراير الماضي،
وطرحه ياسر عرفات بعد أن اعدته مجموعة ضاغطة من 25 عضوا كنت أنا احدهم.
هذا البرنامج لن يتغير أبداً.
ما
أهم بنود هذا البرنامج..؟
ـ
اقامة دولة فلسطينية مستقلة وحل عادل لمشكلة اللاجئين، وضرورة توقف
العمل العسكري داخل الخط الأخضر لأنه مضر بقضيتنا. والنضال في الضفة
وغزة وشرق القدس حق مشروع للشعب الفلسطيني، والمفاوضات خيار استراتيجي.
والنضال وسيلة وليس هدفاً. وإذا عدنا للأرشيف نجد أننا لم ندن أي عملية
عسكرية في القدس الشرقية. كنا إما أن نؤيدها أو نلتزم الصمت. ونحن لم
ندن أي عملية في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى لو استهدفت مدنيين
اسرائيليين. هذه هي الإستراتيجية التي وضعها ياسر عرفات. وأريد أن اؤكد
لكم أن ميزان القوى داخل اللجنة المركزية لحركة "فتح" هو لصالح النهج
العرفاتي في موضوع الحل.
|