فاروق قدومي " الإصلاح في فلسطين الآن دعوة حق يراد بها باطل"...

متابعة / احمد القدوة – مراسل الصباح – تونس

في لقاء جمعه بثلة من الصحفيين بتونس فتح فاروق القدومي، رئيس الدائرة السياسية لـ م.ت.ف  النّار على من أسماهم دعاة الإصلاح زورا وبهتانا أولئك «الذين يقذفون بكلمة حق ويريدون بها باطلا»

 وهم حسب «أبو لطف» فئة صغيرة عددا ووصفها بالضالة ممّن يدعمهم الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا حتى يتمّ القضاء على القضية الفلسطينية مرجعية وأسسا للحل.

وأضاف القدومي ان هؤلاء «القلّة» نعرفهم ولا نسمّيهم وهم يعلمون أننا نعرفهم. وكان القدومي تحدّث في مستهلّ الجلسة اللقاء التي كانت أقرب الى الدردشة منها الى ندوة صحفية، عن ضغوط أجنبية تمارس على العرب وعلى الفلسطينيين ناعتا المرحلة بالصّعبة. وبخصوص «مسار السّلام» وصفه «أبو لطف» بالجامد محمّلا إسرائيل وأمريكا تعثّر المسار وبالتالي كلّ مآسي الشعب الفلسطيني من اللاجئين الى المعتقلين الى الشعب على الأرض الذي يعاني من ضيق اقتصادي شدّده عليه الاحتلال.

وفي لائحة اتهامه لواشنطن ومدى ضلوعها في تعطيل مسار السلام، دلّل القدومي على آخر ما فعله الرئيس الأمريكي حين أعطى رسالة الضمانات لشارون في 14 أفريل 2004، ضمانات يقول وزير خارجية فلسطين، أفرغت «خارطة الطريق من محتواها.. وألمح المسؤول الفلسطيني أن واشنطن تخلّت عن دورها المنوط بعهدتها انطلاقا من نصّ «خارطة الطريق» إلى جانب الأطراف الثلاثة الباقية في الرباعية، عمدا، لأنها مشغولة بغزو العراق وبالانتخابات الرئاسية. وعن موضوع الإرهاب قال «أبو لطف» انه بالعكس قد زاد حجمه بسبب ما أسماها «المعالجة الخاطئة للإرهاب» من قبل أمريكا، مبيّنا أن الإرهاب لا يحارب بعمليات عسكرية فقط، بل هناك أوضاعا، يحدّدها الوزير الفلسطيني في الجوانب الاجتماعية في البلدان النامية خاصة ـ وهنا عرّج على رأي سائد يقول بأن سبب الإرهاب هو تلك السياسة العدوانية والاحتلالية التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والجولان وجزء من جنوب لبنان.

وحمّل القدومي المجموعة الدولية كونها لم تتناول هذه المشاكل المسبّبة لما يسمّيه الأمريكان الإرهاب بشكل جدّي، نافيا أن تكون قضايا الاستقلال ومقاومة الاحتلال إرهابا..

من جهة أخرى استعرض المسؤول الفلسطيني الأعمال الإجرامية المنظمة التي تمارسها إسرائيل كقوة احتلال في حقّ الإنسان الفلسطيني والأرض الفلسطينية والشجر الفلسطيني.. وعرّج على أما سماه الأعمال اللاإنسانية التي تمارسها إسرائيل ضدّ الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات والذين يبلغ عددهم أكثر من 9 آ لاف و500 معتقل وأسير، وكشف القدومي النّقاب عن أن هناك من الأسرى الفلسطينيين الذين مرّ على اعتقالهم عشريتان، وأضاف ان آخر الأعمال الإرهابية الإسرائيلية، قصفها ميدانا للكشافة الفلسطينية وهم من المدنيين نافيا أن تكون الادعاءات الإسرائيلية بأنها قصفت مركزا للتدريب العسكري لحماس، قابلة للتصديق.

وعن سؤال  حول حقيقة المشهد السياسي والنضالي الفلسطيني، وعن الخلافات الداخلية التي احتدمت بين الفلسطينيين الشيء الذي غطّى على مكسب دولي وقانوني تمثل في أنه يوم إعلان محكمة العدل الدولية قرارها الذي أنصف جزئيا قضية الشعب الفلسطيني كان أبناء الوطن الواحد والقضية الواحدة يصوّبون بنادقهم لبعضهم البعض.. قال في رأي توضيحي انه عندما يمرّ أي شعب من الشعوب، في مرحلة الكفاح الوطني والمقاومة فهي المهمة الأساسية التي يعيش بها الشعب. وأضاف: «نحن في مرحلة المقاومة الشعبية، وإذا ما نظرنا إلى العدو وما فعله من شقاق ومن فتح لطريق الفساد أمام فئة من أبناء فلسطين، (وهم قلّة يستدرك القدومي) سنجد أن الاحتلال دمّر البنية الأساسية للمجتمع الفلسطيني المحتل (اسم مفعول)، بمعنى آخر يمارس الاحتلال سياسة التجويع وسياسة الترغيب ويقيم الحواجز ليشلّ حركة النّاس.. ورأى القدومي أن هذه مظاهر يقوم بها الاحتلال حتى يتمكّن أكثر من الأرض ومن مزيد سلب الحقوق الوطنية الفلسطينية.

وقبل أن يذكر النعت الذي اشتهر به علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه والمشبّه الجوع بالكفر، استذكر القدومي قولة «أبي ذرّ الغفاري» حين قال: «إنّي أعجب من إنسان لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على النّاس شاهرا سيفه».

وهنا تعمّق القدومي في كشف حقائق ذات «الفئة» التي قال عنها إنها تنادي بالإصلاح وهي فاسدة، إنها فئة اغتنت بعد «أوسلو» 1993، بعد أن سمح لها الاحتلال بالتحكّم في بعض المسائل التجارية بحكم مسؤولياتها الأمنية والمناصب الوزارية، «هذه الفئة ـ يوضّح أبو لطف ـ هي التي تطالب بالإصلاح اليوم في فلسطين وهي محتلة.

واستطرد المتحدث قائلا: «إن العدوّ (إسرائيل) شكّل خلايا من المتعاونين طوال الأربعين سنة التي خلت، وهي الفترة الفاصلة بين هذا اليوم (تقريبا) والخامس من حزيران 1967، ذكرى النكبة واحتلال الضفة وغزة والجولان.

وتساءل القدومي: هل يمكن أن يتم الحديث عن إصلاح والأراضي مجروفة وأشجار الزيتون، مصدر العيش والرزق لآلاف العائلات، تتعرّض إلى القلع، مقدّما رقم ثلاث مائة ألف شجرة زيتون اقتلعها جيش الاحتلال في الضفة وغزة.. وأضاف موضحا: «أمّا الذين يمتلكون الملايين ولا نسمّيهم، ونحن نعرفهم ومع الأسف هم يُحرَسون بحرّاس كثيرين، ولا يطلقون رصاصة واحدة على العدوّ، هؤلاء فقدوا أوضاعهم الرسمية بعد أن اغتنوا وامتلكوا المال.. ربما يكون نتيجة المفاوضات الفاسدة في سنة 93» نسبة إلى اتفاقيات «أوسلو» سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة مائة وألف.

وبخصوص «أوسلو» شبه القدومي تلك المفاوضات بأنها تطبيع للعلاقات مع العدو.. وهنا أكد القدومي أنه رغم سلطة المال التي يتمتع بها هؤلاء «الفئة» فإنهم لم يقدروا على التأثير في الشعب الفلسطيني لذلك لم يستطيعوا أن يحرّكوا الشارع الفلسطيني «فلو كانت دعوتهم للإصلاح دعوة حق وفيها صدق، لرأينا ثورة شعبية ضد السلطة الفلسطينية».

وأضاف بعد أن استعرض ثانية المشهد الاجتماعي الفلسطيني المتردّي وخاصّة في غزّة أرض اللاجئين واللجوء الفلسطيني، ان إسرائيل التي تحمي هؤلاء المطالبين زورا وبهتانا بالإصلاح هي التي دمّرت واحدا وعشرين ألف منزل أغلبها في غزة، دون أن ينبس أحدهم بكلمة ضدّ الاحتلال.. «هؤلاء سيسقطون».. وانتقد القدومي اتهامات أمريكا وإسرائيل للرئيس عرفات وهو محاصر بأنه وراء كل عمل فدائي. وحوصل القدومي هذا الجدل بالقول: المشكلة بالنسبة لنا في فلسطين هي في الاحتلال ومظاهر الفساد التي يشجعها الاحتلال مع بعض المتعاونين من أصحاب النفوذ فهم أقلية ولكنهم متنفّذون.

وبخصوص مصير الانتفاضة، قال رئيس الدائرة السياسية لـ م. ت.ف. إن تيارا ملاصقا للتيار المنادي «بالإصلاح» بالطريقة التي ترضي الاحتلال، خلق حديثا، وهو تيار يدّعي أن الانتفاضة خطر على الشعب الفلسطيني، وهذا التيار مع «الإصلاح» يقولان معا: أوقفوا الثورة.. أوقفوا الانتفاضة، وهذا ما تنادي به إسرائيل وأمريكا.

وكشف القدومي النقاب، عن أن الدعم الأمريكي لإسرائيل ورسالة الضمانات التي قدمها بوش لشارون زائد توسّع الاستيطان، تحمل كلّها اشارات أو اصرارا لتغيير حدود هدنة 1949 بين الفلسطينيين واليهود وأن عرفات لا بدّ من إزالته.

وبين المسؤول الفلسطيني مرحلة بمرحلة كيف تمّت الاستجابة فلسطينيا إلى المطالب الإسرائيلية التي قدمتها أطراف عربية ودولية على أساس أن تنفذ إسرائيل التزامات تتمثل في إعلان القبول بدولتين وقول شارون بوقف إطلاق النار، غير أن لقاء العقبة تحدّى فيه شارون جميع الحاضرين، «فأخذوا عنّا التزامات ولم يعلنوا هم (الإسرائيليون) التزاما واحدا» وهنا شدّد وزير خارجية فلسطين المنتخب في المجلس الوطني الفلسطيني سنة 1988 بالجزائر إبّان إعلان الدولة الفلسطينية ووثيقة الاستقلال، بالقول: يجب أن نعرف أن من خلق إسرائيل لا يؤذيها والسياسة الأمريكية غير موثوق فيها» ورأى القدومي الحل في استمرار المقاومة وما أطلق عليه بضرورة إزعاج المجتمع الإسرائيلي حتى يدفع حكومته للتفاوض والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني.

«لم يمرّ في التاريخ شعب صمد كل هذا الصمود ولم يرحل عن أرضه.. ولم يعرف التاريخ شعبا تعرّض لشتّى أنواع القمع والقسوة والتحالف ضده مثلما وقع للشعب الفلسطيني ورغم ذلك لم يغادر أرضه وبقي متشبّثا بها كل هذا التشبّث» وكشف النقاب عن أن خطة الاحتلال ومن حالفه كانت تتمثل في أن يملّ الشعب الفلسطيني ويسأم أوضاعه القاسية «فيرحل عن فلسطين ولا تكون له، بالتالي، دولة».

وتحدّث القدومي عمّا أسماه بالمعجزة الفلسطينية المتمثلة في تحمّل شعب فلسطين كلّ المآسي التي سبّبها له الاحتلال، وهو يعيش في مساحة لا يقدر رقم مثل الذي يمثله الفلسطينيون أن يعيش بها، ورغم ذلك، يضيف المسؤول الفلسطيني لا يزال الفلسطينيون يدافعون عن الأمة العربية كلّها وليس فلسطين فحسب.

وأضاف ان إسرائيل لم تقم بقرار توراتي ولا من خلال مسار تاريخي بل هي أنشئت بقرار من الأمم المتحدة، مشيرا الى كلمة مسؤول هولندي حين ذكّر بهذه الحقائق وطالب إسرائيل بأن تحترم القرار 181 وإلا فقدت شهادة ميلادها.

وعن الكفاح المسلح ذكّر القدومي بأنه حجر الزاوية في تحديد ملامح الثورة الفلسطينية وهو العنصر المحدد لمنظمة التحرير الفلسطينية، مشيرا الى معطيات حقيقية تتمثل في أن الشرط الأساسي لانضمام فصائل فلسطينية الى منظمة التحرير كان انخراطها وممارستها للكفاح المسلّح. من جهة أخرى عاود «أبو لطف» التشديد على أن المقاومة وحدها هي التي تفتح باب التفاوض المتكافئ وليس العكس، مشيرا الى أن مفاوضات جنيف «عبد ربّه ـ بيلين» كانت بالون اختبار من الجانب الفلسطيني تجاه الاحتلال الاسرائيلي «حتى نرى مدى تأثير الانتفاضة في العدو»..

وعند تطرّقه الى الواقع العربي من حيث السند المفترض لفلسطين، جاب القدومي فترات تاريخية، وقف على مظاهر العزّ فيها حين كان عبد الناصر حيا ووقف على هنّات كثيرة وصلت الآن إلى ما أسماه القدومي بعدم تعويل الجانب الفلسطيني على الطّرف العربي المشتّت والضّعيف، كاشفا النقاب عن أن التحرّكات الديبلوماسية الفلسطينية تتجه الآن، بل وعملت بعد، مع الطرف الأوروبي ومع الجانب الافريقي ومع كتلة عدم الانحياز «وكلّها أتت أكلها» حسب وزير خارجية فلسطين، وأن اسرائيل الآن تتعرض الى محاصرة سياسية بفضل هذه التجمعات الاقليمية الثلاثة التي لا تنوي اخراج المسألة الفلسطينية من رحاب الأمم المتحدة..

وعن تعاطي الطرف الفلسطيني مع القوى الكبرى، شدّد القدومي في لهجة صارمة على أنه لا يجب التصديق بأن بريطانيا لا باع لها الآن في القضية ووصفها «بأنها المحرّك الأساسي ضدّنا».. وانتقد القدومي الدّور العربي الحاضر بالغياب وخاصة بعد خروج مصر بعد وفاة عبد الناصر، مذكّرا بأن ناصر رفض أن تسترجع مصر سيناء في سبيل التخلّي عن الضفة وغزّة، مشبّها الموقف بما تتوخاه سوريا اليوم.

وقال القدومي: لن تذهب سوريا في صلح انفرادي ولن تذهب بدون فلسطين.. ففلسطين هي جنوب سوريا كما العراق والشعب الأردني يعتبران أن فلسطين جزء منهم.. وبعد أن وصف من أسماهم بـ»أولادنا الضّالين» الذين يطلقون مفاهيم الإصلاح دون أن يعوا معانيها ومراميها لدى من كلّفهم بذلك، قال ان خلافة عرفات والقيادة الحالية التي تجاوز سنّ أعضائها الستين، لن تكون إلا من رحم الصّابرين المتمسّكين بالأرض وبالمبدأ ولن يخلف عرفات أسماء عرفت بالفساد المالي، وعرفت بعزوفها عن النضال وحمل السلاح ضدّ الاحتلال. وأضاف: لا تخافوا علينا.. فنحن الذين كوّنا كوادر حزب اللّه ونحن الذين تعاملنا مع أنبل الثورات في العالم.. وذكّر كيف كان «هوشي منه» (فتينام) يخاف على ثورة الفلسطينيين حين واجه وفدا من الثورة بالقول: «نحن خلف ظهرنا كثورة سور الصين العظيم وحائط السوفيات الحديدي وأنتم أيها الفلسطينيون وراءكم خناجر النفط.. وهنا استطرد القدومي بالقول: ثورة ونفط لا يلتقيان.. لا يمكن أن يلتقيا.. معرّجا على أن عبد الناصر مات مقهورا من دعم عربي لم يأت.

وعن ابعاد عرفات نفى القدومي أن يقدر الاسرائيليون أو الأمريكان على تحمّل أعباء إبعاد عرفات لأن الأمر سيؤذيهم.. و»يدوشهم»، «خاصة أنهم بإبعاد عرفات سيفقدون آخر احترام شرعي لهم، فهو الذي وقّع معهم أوسلو وعن تسليم الأمانة من الطاقم الحالي الى الجيل القادم دعا القدومي الى عدم الاستهانة أو التقليل من شأن أبناء فلسطين المنتفضين في أغلبهم وقال: نحن نحرّض الجماهير 22 ساعة ونناضل ساعتين. وتجاهل القدومي ما يسمّى بمشروع شارون للانسحاب من غزّة، معتبرا أنها لعبة وهم، لمزيد احكام قبضة الاحتلال على الشعب الفلسطيني.

وكان هذا حوار أجراه فاروق القدومي مع ثلة من الصحفيين العرب والتونسيين في مقر الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة التونسية

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع