بيرس: "إتفاق أوسلو سينفذ بحذافيره"
نص الحديث كما ورد ونشر في أكثر من صحيفة!!
في الذكرى الـ11 لتوقيع الاتفاقيات، يبدي بيرس اقتناعه بأن "خطة فك الارتباط تعتبر مكملة لاتفاقيات اوسلو" التي يعتبرها تشكل اختراقاً تاريخياً. بيرس لا يعتقد أنه يجب سحب جائزة نوبل للسلام من ياسر عرفات...
ديانا بحور- نير
ينظر شمعون بيرس إلى 11 عاماً خلت، دون أن يشعر ولو للحظة بالندم. فهو على اقتناع بأن اتفاقيات أوسلو تعتبر أحد الانجازات السياسية الكبرى لدولة إسرائيل. وبرأيه "سيتم تنفيذ تلك الاتفاقيات بحذافيرها، لأنه لا مفر آخر".
اليوم، تصادف الذكرى السنوية الـ11 لتوقيع اتفاقيات أوسلو التي يتحدث عنها بيرس هنا، في وقت يجري فيه الحديث عن خطة سياسية جديدة، هي خطة الانفصال. لكن هناك الكثير من الأمور التي تذكّر بتلك الأيام، كالمظاهرات التي تجري ضد رئيس الحكومة، "سيما أن خطةالانفصال تعتبر مكملة لاتفاقيات أوسلو"، حسب ما يراه رئيس حزب "العمل" ورئيس الحكومة الأسبق، شمعون بيرس.
سيد بيرس، ألا زلت تؤمن، رغم النتائج القاسية، بأن اتفاقيات أوسلو تعتبر انجازاً تاريخياً؟
"في إطار اتفاقيات أوسلو أقدمنا على خطوتين: إعترفنا بالشعب الفلسطيني، وفضلنا من بين ممثليه، التعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية على حماس. لا وجود في الحياة لأي شيء متكامل. لا يمكن صنع السلام مع حماس والجهاد الإسلامي، لأن طموحاتهما دينية وليست قومية فحسب. أما منظمة التحرير فهي حركة قومية. بالنسبة للفلسطينيين كان هناك عنواناً لهم يترأسه عرفات. لقد أقدم على عمل لم يسبقه إليه أي زعيم عربي. ليس مهماً كوننا نستهتر، نتجاهل ونستخف، إلا أننا نحتاج، إضافة إلى الشريك، إلى خارطة. وأمامنا خارطة تقسيم 1947، وخارطة 1967، التي نجمت عن الحرب. لقد وافق عرفات على خارطة 67. إننا ننسى هذا، أيضاً. أضف إلى ذلك، أنه خرج وأعلن رسمياً اعترافه بدولة إسرائيل، وبأنه يجب وقف الإرهاب وصنع السلام. يمكن الاستهتار بالتصريحات، وبتصريحات شارون، أيضاً، لكنه يبقى للتصريحات وزنها، حتى إذا تعقدت الأمور بعدها".
لكن الفلسطينيين لم يحاربوا العنف. وهذا هو "كعب أخيل" بالنسبة للاتفاق.
"كعب أخيل كان في الجانبين. لقد كان لدينا باروخ غولدشتاين، كما أننا خرقنا اتفاق وقف النار. إننا ننسى ذلك، لدينا ذاكرة سلبية. بعد ذلك لم ينجح عرفات بالسيطرة على حماس، لكنه أعلن الحرب عليها في عام 1996، فقتل 20 من قادتها واعتقل 1000، حلق لهم لحاهم، جمع الأسلحة، فمن تنبأ بذلك من قبل؟ بعد ذلك تغيرت الحكومة لدينا".
عملياً، تحولت اتفاقيات أوسلو إلى مفتاح في دعاية اليمين ضد اليسار، أصبحت بمثابة مفترق.
"هناك الكثير من التلون لأن الليكود تبنى اتفاقيات أوسلو ولم يلغها أبداً. لقد هاجمونا لكنهم لم يلغوا الاتفاقيات، لقد التقى شارون ونتنياهو بعرفات، أيضاً. فما الفرق بيننا؟ هل صافحوا يده أم لا؟ لقد أعاد له نتنياهو الخليل، أيضاً. لقد حذروا من الغاء الاتفاق، بل خاضوا الانتخابات على أساسه. وما الذي تعنيه خطة فك الارتباط؟ لقد وافقوا بعد تأخير 30 –40 عاماً على قيام دولة فلسطينية.. الليكود وحده يستطيع ذلك. لقد اعدوا خارطة مستوطنات، فهل الليكود وحده هو من يستطيع ذلك؟ اتفاقيات أوسلو كانت صحيحة وشجاعة، ولم نمكن بدونها سنجد نقطة للانطلاق، لا من ناحية الشريك ولا من ناحية الخارطة".
هناك أوساط واسعة في الجمهور تعتبر الاتفاق بمثابة فشل.
"مضت 11 عاماً منذ توقيع الاتفاق، هذه الفترة لا تعتبر حقبة طويلة في التاريخ. ما المقصود بالانفصال؟ أليس استكمالا لأوسلو؟"
ما الذي تقصده؟
"قرروا الانسحاب من غزة، وتفيكك ما بنوه من مستوطنات. فهل هناك اعتراف بالخطأ أكبر من هذا الاعتراف؟ والأمر لا يتوقف على غزة، فقط، فهم يقولون إنه سيتم تفيكك مستوطنات في الضفة الغربية، أيضاً. لقد تحدثت خطة شارون الأصلية عن تفيكك 17 مستوطنة. إذا أصغينا إلى الأصوات فسنجد أنها أصوات رافضة، أما الأيدي فهي أيدي يعقوب، أي أنهم يطبقون ما قلناه بشكل منهجي مطلق".
إذا كان الانفصال يعتبر استكمالاً لأوسلو، فأين هو الفارق حقاً؟
"في كونهم ما زالوا يتحدثون فقط".
في عام 1994 حصلت أنت ورابين وعرفات على جائزة نوبل لسللام، بعد توقيع الاتفاق. ألا يبدو الأمر اليوم وكأنه حالة هذيان؟ نوبل لعرفات؟
"أعتقد أنه استحق ذلك. لقد حصل على الجائزة لقاء موافقته على العودة إلى حدود 1967، وعلى ضرورة وقف الحرب، وعلى إعترافه بدولة إسرائيل وبأنه يجب التفاوض معها. أما اليوم فتبدو الأمور مغايرة. هل فعل ذلك أي زعيم عربي آخر. لقد جاء السادات إلى القدس، لكنه رفض التنازل عن حبة تراب. حسب رأيي يكمن الفشل الذريع لعرفات في كونه لم يجد التمييز بين العمل السري والحكومة. لقد اعتقد بأن الحكومة مكملة للعمل السري. لا يمكن تطبيق طابع العمل السري على عمل الدولة".
حين ترى احتجاج اليمين على خطة فك الارتباط، وتسمع أصوات الحاخامات، هل تشعر بالقلق؟
"لن نسمح لأقلية من حملة البنادق باستبدال الغالبية المصوتة. كنت أتوقع تطبيقاً أفضل للقوانين التي تم سنها، وسن القواني التي يجب سنها، كي لا يؤدي هذا التحريض إلى القتل".
هل تعني المقارنة بين شارون ورابين، بكونهما سارا بعكس التيار، أي شيء بالنسبة لك؟
"يتحتم على القائد أن يقرر ما إذا كان سيمضي ضد التيار الذي يهدده، وهذا بحد ذاته يعتبر مسألة خطيرة، وبين تيار يهدد وجود الدولة، وهو، أيضاً، يعتبر مسألة رهيبة.الامتحان هو امتحان العمل، وإذا توقف الأمر على التصريحات فقط، فهذا ليس مهماً".
هل كان يمكن فعل ذلك بشكل أفضل لو انضممتم إلى الحكومة؟
"لا أريد التوصية بنا. لا أريد خلق آمال كاذبة. الوضع صعب حقاً. لقد ارتكب شارون عدة أخطاء جوهرية، بينها تأجيله للموضوع لفترة طويلة، موافقته على اجراء استفتاء في الليكود، وذهابه إلى المؤتمر غير جاهز. بالنسبة لنا يمكننا العيش بشكل جيد خارج الحكومة، أيضاً".
لنعد إلى أوسلو. كيف تقيم الاتفاق بمفاهيم النجاح والفشل؟
"لا وجود للفشل، ما حدث هو تأجيل التنفيذ. لكن اتفاقيات أوسلو ستطبق بحذافيرها. أنا لا أتأثر من الشائعات التي تروج لها الصحف، ولا من هجمات السياسيين. فهي في تراجع دائم، ولست أنا. هذا هو التراجع الرابع لليكود، مرة كان ينادي بضفتين للأردن، ومرة طالب بكل سيناء، ومرة أراد أرض إسرائيل الكاملة، ومرة وقف ضد إخلاء غزة.. لا ينقصه التراجع في مواقفه.
ومن سيوقع الاتفاق القادم؟
"شعب إسرائيل".
(13/09/2004 , 15:45)