النائب عمرو: لقد جرى التنكيل بفكرة الاصلاح فحين نختلف نطرحها بقوة وحين نتفق نسقطها بقوة!
اعلن النائب والوزير السابق نبيل عمرو انه اجتاز المرحلة الاولى من العلاج في مستشفيات المانيا وانه غادر المستشفى الذي أجريت له فيه العملية الجراحية وانتقل الى مرحلة العلاج الطبيعي.
وأوضح في مقابلة خاصة لدنيا الوطن انه يتابع ما يجري على ارض الوطن مبديا عدم موافقته على تعليق جلسات التشريعي.
وتطرق عمرو الى العديد من القضايا والامور الهامة المتعلقة بالانتخابات والاصلاح ودور حركة فتح وقضية انخراط حماس والجهاد في اطار منظمة التحرير. معتبرا ان فكرة الاصلاح تم «التنكيل» بها لأنها تظهر عند الاختلاف وتختفي عند الاتفاق، ودعا حركتي حماس والجهاد الاسلامي الى الانخراط في اطار منظمة التحرير الفلسطينية.
وفيما يلي نص المقابلة:
* وضعك الصحي: كيف تصفه لنا الآن؟
لقد غادرت المستشفى الذي اجريت فيه العمليات الجراحية، واقيم الآن في مصح آخر، يهتم بمعالجة الجرح، والعلاج الطبيعي، يتوقع الاطباء ان تنتهي هذه المرحلة من العلاج خلال عشرة ايام، بعدها يتم تشخيص الوضع من جديد، لتقرير برنامج المرحلة التالية، اتوقع ان استمر هنا لشهر ونصف الشهر على اقل تقدير وآمل ان اتمكن بعد ذلك من العودة الى الوطن.
× وانتم على بعد آلاف الاميال من ارض الوطن هل تتابعون ما يجري هنا وهل تقومون بالاتصال بزملائكم السياسيين للتداول ام ان تفرغكم للعلاج يؤثر على ذلك؟
- التفرغ للعلاج لا يمنع بأي حال متابعة ما يجري على ارض الوطن او تواصل الحوار مع الاصدقاء والزملاء والاطلاع منهم على ما يجري، (مع ان كثيرين منهم في حيرة من امرهم) ولا اتوقف في التقويم عند آراء السياسيين بل انني وحتى الآن أتلقى فيضا من المكالمات يبادر بها مواطنون من جميع انحاء الوطن واستمع الى آرائهم..
غير ان ما يؤلم... هو عدم مشاركتي المباشرة في الانشطة السياسية التي تجري، كنت اتألم وانا ارى المجلس التشريعي يحاول عمل شيء في ازماتنا المتلاحقة دون ان اكون شريكا في الجهود التي تبذل.. وبالمناسبة لو كنت في رام الله اثناء التصويت على تعليق جلسات المجلس، لأدليت بصوتي معارضا للتعليق.. فالمجلس هو في واقع الامر برلمان الشعب ويجب ان يواصل دوره رغم كل المعوقات، انني اعتبر تعليق الجلسات شكلا من اشكال الهروب من ساحة المواجهة الديمقراطية.
* ولكن وجهة نظر المجلس انه علق جلساته احتجاجا على عدم صدور مراسيم رئاسية حول طلبات المجلس الاصلاحية؟
- هنالك اكثر من وسيلة فعالة لبلوغ المطالب والاهداف غير تعليق الجلسات، ثم. ماذا بعد التعليق هل سيفكر البعض بتعطيل اعمال المجلس او حله؟ انني لا اوافق على هذا الاتجاه.
* مطروحة على الساحة الآن فكرة الحوار الوطني والاخبار تقول ان القاهرة تستعد لاستضافته من جديد، هل انتم متفائلون بنجاح الحوار بعد اكثر من فشل مدو تم في القاهرة على هذا الصعيد؟
- مشكلتنا في كل حواراتنا الداخلية، اننا ما ان نجتمع حتى نبدأ جدلا غريبا يحاول فيه كل طرف اقناع الطرف الآخر بسياساته ومواقفه وهذا امر مستحيل بل ليس هذا هو هدف الحوار وأحيانا نستطرد في حواراتنا لنصل الى مسارب ومتاهات لا مخرج منها مثل تغيير النظام السياسي الراهن... وحتمية التخلص من الاتفاقيات السياسية المبرمة واشياء كثيرة من هذا القبيل.
ان الحوار الذي سترعاه القاهرة يجب ان يركز على ايجاد الوسائل العملية للخروج من الحالة المأساوية التي فرضت على الشعب الفلسطيني ويجب ان يسلّح القاهرة بأوراق فعالة في حواراتها الصعبة مع الاسرائيليين ويجب كذلك ان يخرج بتصور موحد حول كيفية مشاركة الجميع في مواجهة التحديات القادمة ليس على اساس الشعارات وانما على اساس الواقعية السياسية والقرارات العملية وعلى الجميع ان يظهر بلغة واضحة الالتزام بالسلطة الواحدة، وبالقانون الواحد.
ان الواقع الجديد الذي ننتظره يحتم تفاهما واضحا حول هذه الامور من اجل ان نحوّل موضوع الانسحاب الى فرصة لانسحاب مماثل في الضفة وليس الى كمين نقع فيه ولانقوى على الخروج منه.
* ابرز حدث داخلي خلال هذه الفترة هو فتح مراكز التسجيل للانتخابات هل تعتقدون ان هنالك امكانية لاجراء الانتخابات دون انفراجة سياسية واضحة؟
- دائما هنالك امكانية لجعل الانتخابات موضوع صراع مع الجانب الاسرائيلي، ان العالم يقف معنا حين نطرح قضية الانتخابات بشكل جدي ونظهر ان الذي يرفضها ويعوقها هو الجانب الاسرائيلي، وعلينا ان نقر بأنه اتيحت لنا فرص كثيرة لاجراء انتخابات ولم نفعل اما الآن فالمتاحة وبشكل واضح هو انتخابات المجالس المحلية.
بكل أسف وصلتني اخبار عن ان مستوى التسجيل في مراكز الانتخابات متدن للغاية واعتقد ان سبب ذلك هو عدم الجدية او ان المواطن لا يرى جدية كافية نحو اجراء الانتخابات لذلك ينأى بنفسه عن الموضوع كله اذ لا يريد ان يكون شريكا في امر هو متشكك فيه اصلا، ان الانتخابات ولكي تكون آلية فعلية للاصلاح والتطوير لابد وان تكون في اطار سلسلة من الاجراءات الجدية والمقنعة، يشمل تطوير كافة المؤسسات الوطنية التنفيذية والتشريعية والقضائية كما يجب ان تقترن بانتخابات مماثلة على صعيد النقابات والقوى السياسية وهذا امر اهملناه او على الاقل لم نؤده بالشكل المطلوب ان معالجة ظاهرة الإحجام الشعبي عن التسجيل في مراكز الاقتراع لا تكون بواسطة اعلام ساذج يدعو المواطنين للتسجيل مثلما يدعوهم الى مأدبة غداء بل يكون من خلال سلسلة من الاجراءات والترتيبات الجدية بحيث تقنع المواطن بأن هنالك تطورا ايجابيا ملموسا يحدث على مستوى حياته اليومية ونظامه السياسي. ورغم ذلك لا استطيع اخفاء شعوري بالمرارة لقلة الاقبال على التسجيل فهذه رسالة سلبية تخرج من عندنا الى العالم الذي شهد واحدة من افضل انتخابات العالم الثالث في العام 96 والتي جرت في الوطن واعني بها الانتخابات التشريعية والرئاسية.
* ورد في حديثكم مصطلح الاجراءات الاصلاحية الشاملة...في تقديركم اين وصلت دعوات الاصلاح وهل هنالك جهود لاستئنافها او على الاقل اعادة الحديث فيها؟
- ان مصطلح الاصلاح الداخلي (للاسف) يظهر بقوة حين يستعر الخلاف بيننا ويتلاشى نهائيا حين نتصالح وهذا يدل على ان عملية الاصلاح المنشودة لم تولد بعد وان ظهرت مقدماتها نتيجة احتقان داخلي الا انها تفتقر الى الآلية التي تجعلها دائمة الحضور في حياتنا وداخل مؤسساتنا من وجهة نظري فإن المؤسسة الملائمة لاطلاق عملية اصلاحية هي المجلس التشريعي فهو يملك شرعية التوجه الاصلاحي ويفترض ان يمتلك امكانية المتابعة حتى تحقيق النتائج.
ولكن المجلس ذهب بأقدامه الى دوامة التجاذب الداخلي مما افقده القدرة على متابعة أية قضية يبدأ بها حتى النهاية.
ولنا في وقائع الاسابيع القليلة الماضية اصدق دليل على ذلك كنا قد سعدنا بأن المجلس استعاد عافيته ودوره المفترض حين تصدى لمهمة الاصلاح بعد ان تبعثرت هذه المهمة في الشارع وما ان مضت بضعة ايام مع ما رافقها من ضغوط وجدنا المجلس يكبح جماح نفسه ويعلق جلساته مما أفقد محاولاته زخمها وفاعليتها.
على كل حال فإن الاصلاح الذي ينبع من حاجات المواطن والوطن سوف يجد في يوم ما اداته الفعالة وما زلت أرى في البرلمان امكانية لاستنباط هذه الاداة.
* ولكن هنالك اجتهاد آخر يرى ان الاصلاح يجب ان يأتي أساسا من فتح بمعنى ان اصلاح فتح سيقود حتما الى اصلاح شامل؟
- هذا لا يتناقض مع دور المجلس التشريعي، دعنا نقول ان الاصلاح المنطلق من المجلس التشريعي يختص بوضع السلطة، ومؤسساتها لان المجلس هو صاحب الولاية الدستورية على هذه المؤسسات وهو من يستطيع مساءلتها ووضع النظم والقوانين المحددة لعملها، وهو كذلك المسؤول المباشر عن الحكومة التي من المفترض ان تتولى مسؤولية تنفيذ قرارات المجلس وتوجهاته اما فيما يتصل بفتح فلا شك ان اصلاحها سوف يؤدي حتما الى درجة عالية من الاستقرار الداخلي، كما سيؤدي الى شحن القوى الاخرى بطاقات اصلاحية مؤثرة، لان أية قوة سياسية لن تستطيع البقاء والتأثير دون ان تكون في وضع سليم، وهنا يتعين علينا ان نحدد بالضبط ما معنى اصلاح فتح وما هي الآلية التي ينبعي اعتمادها لذلك، من الخطأ اختصار الامر على مجرد تغيير في الاشخاص لان تغيير الاشخاص داخل ذات الوعاء لن يمكن احدا من احداث التطور المطلوب، اذن لا بد من التفكير في اتجاه آخر واعني به المؤسسات، توجد داخل فتح مؤسسات قيادية عديدة، ربما تكون ولدت معها، وهذه المؤسسات هي اللجنة المركزية والمجلس الثوري وقيادات ومرجعيات المناطق والاقاليم والمجالس الحركية. لقد فقدت هذه المؤسسات فاعليتها مما افسح المجال لظهور البديل البديهي وهو مراكز القوى وبؤر الاستقطاب. والملفت للنظر غياب الاستقطاب السياسي الداخلي مما جعل الصراع يتخذ طابع توسيع النفوذ وتحقيق المزايا، ولا شك ان من ابرز العوامل التي ادت الى هذا التدهور في الوضع الداخلي هو غياب الحياة التنظيمية والتي اساسها المؤتمرات التي تقر البرامج السياسية وتفرز القيادات في المواقع الرئيسية، اضافة الى ذلك فان غياب وحدة اللغة السياسية داخل فتح افرز بديله السلبي وهو الاجتهادات المرتجلة غالبا والتي لا تفضي الا الى بث الفوضى الفكرية داخل حركة يعد اعضاؤها ومناصروها الملتزمون بمئات الآلاف، كيف نستطيع معالجة هذه الكوارث الكبرى، كيف نستطيع اعادة فتح لتمارس دورها كقوة ايجابية في مجال استكمال تحرير الوطن وبناء الدولة، هنالك اجتهادات كثيرة لتحقيق ذلك، اولها تقليدي يرى في تفعيل المؤسسات الشرعية وقيامها بدورها كمؤسسات هو المخرج المتاح والاسلم من الحالة الراهنة، وهذا اجتهاد فيه وجاهة ولاشك ولكنه يعتمد على حسن النية وليس على وسائل اكثر عملية باتجاه التغيير.
الاجتهاد الثاني هو اطلاق حرية الاجتهاد الفكري والسياسي داخل فتح على هيئة منابر تقدم طروحات متعددة ليس لقضايا فتح وحدها وانما لقضايا المجتمع ككل واطلاق العنان ومنح الشرعية للمنابر الفكرية والسياسية يجعل من الاستقطاب الداخلي حول الافكار والاجتهادات عملية ايجابية او على الاقل افضل بكثير من الفراغ الذي يشجع الاستقطابات المصلحية، ان فتح بحاجة لولادة هذه المنابر لانها حركة كبيرة ولانها متغلغلة في جميع طبقات الشعب الفلسطيني، مع سبب آخر هو انها يفترض ان تكون قد قرأت نتائج التجارب الحزبية التي فشلت بسبب الاصرار على مركزية ضيقة وآفاق سياسية شديدة المحدودية، وفي كل الحالات لابد وان تعود الانتخابات الى حركة فتح كوسيلة وحيدة لتبوء المراكز القيادية والانتخابات لا تعني ايصال عدد من الاشخاص الى اطار اللجنة المركزية او الى المجلس الثوري بل يجب ان يقترن وصول الاشخاص ببرنامج داخلي وسياسي، دعونا نرى في مؤتمر عام قادم صراع اجتهادات وليس صراع افراد ونفوذ ومصالح، ودعونا نرى كذلك قيادات جديدة تخرج من صندوق الاقتراع، احب هنا ان اضيف في امر فتح ما يقال عن صراع الاجيال في داخلها ودعوني اناقش فكرة ان في فتح جيلين احدهما جديد ومظلوم ومستبعد عن المراكز الرئيسية وآخر قديم ظالم ومتنفذ ومحتكر لهذه المراكز انني لا اوافق على اعتماد هذه المقولة وجعلها اساسا لتقييم حركة الاجيال داخل فتح فلدينا من الجيل الجديد من هو اكثر نفوذا من القديم ولدينا من القديم من هو اكثر تعرضا للظلم من الجديد اذن لنستبعد الرؤية السطحية لهذه المقولة ونستبدلها بالمقولة التالية:
((ان غياب الحياة التنظيمية القائمة على المؤتمرات الدورية افرز حالة من الجمود تعاني منها كل اجيال فتح والفرز هنا ليس عمريا وانما بدرجة النضج والقدرة على العطاء، ان هذه المسألة يمكن ان تحل حين تعود الحياة التنظيمية الى وضع طبيعي وتفتح الابواب امام الجميع في اختبار قدرات يوصل الافضل الى المواقع القيادية))
* ولكن جرت تجربة عقد مؤتمرات مناطقية لفتح مرة في الضفة الغربية وقادها المناضل مروان البرغوثي ومرة اخرى في غزة غير ان هذه التجارب اجهضت قبل ان تكتمل، لماذا وكيف نستطيع التفاؤل امام تجربة من هذا النوع؟
- علينا ان نتفق اولا ان الصرا ع الداخلي ليس سهلا وبالتالي فان اي توجه تجديدي لابد وان يلقى معوقات جدية وابرز هذه المعوقات هو التعود على حالة الجمود وبناء سياسات وحسابات وفقها، فهنالك من يخشى على فتح من الانقسام اذا ما اخفق عضو متنفذ في الوصول الى موقع قيادي عبر الانتخابات وهنالك من يتذرع بالتعقيدات الناجمة عن سياسات الاحتلال للافلات من استحقاقات الحياة الديمقراطية، وهنالك الكثير من المقولات التي تصب في طاحونة الابتعاد عن الحياة التنظيمية السليمة، كان خطأ فادحا ان نوقف الانتخابات المناطقية ورغم انها متاحة في كل وقت وستكون كارثة لو اننا جعلنا الابتعاد عن المؤتمرات قدرا لا راد له.
ان لدي الكثير لاقول في فتح وعن فتح فهي بيتي السياسي الذي لم ادخل غيره ولن اغادره تحت اي ظرف ولكن هذا البيت ان لم تجر عليه اصلاحات دورية سيكون عرضة للتآكل والانهيار لذا ادعو الى انقاذ بيتنا الفتحاوي من خلال التجدد الديمقراطي واطلاق العنان للحياة الفكرية والسياسية وتجديد وسائل الاتصال والتفاعل مع المجتمع، ذلك ان فتح الكبيرة والفعالة ليست تنظيما منغلقا على ذاته وانما هي في واقع الامر شيء يشبه دورة دموية تبث الحياة في المجتمع وعلينا جميعا ان نخاف من ان يفسد الدم.
* وانت بعيد عن بؤرة الاحداث ماذا تقول للمواطن الفلسطيني الذي تعود على رؤيتك عبر وسائل الاعلام والاستماع الى مواقفك وتحليلاتك.
- اقول للمواطن الفلسطيني على ارض الوطن والشتات: أشكرك على عواطفك الصادقة تجاهي وتعاطفك المخلص مع ما اصابني ان العاطفة الشعبية التي احاطت بي كانت اقوى من فعل الاطباء في معالجتي، شكرا لكل من سأل عني وافتقدني واقول اخيرا ان محبة شعبي لي هي امر لا املك عصيانه بمواصلة العمل على ذات الخط الواضح الذي اسير عليه واسال الله ان يمن علي بالشفاء كي اعود الى وطني الذي احب والى شعبي الذي به اعتز.