مؤتمر مرتجل يكلّف ألوف الدولارات احتفالاً بمنصب شخصي رشاد أبوشاور الجمعة 8 آب2003 (نقلا عن مجلة فلسطين) بعد أن بوّيع الكاتب يحيى يخلف لمنصب رئيس المجلس الأعلى للتربية والثقافة الفلسطينة ، وتمّ التخلّص من الرئيس السابق للمجلس الدكتور أحمد صدقي الدجاني أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية ، والذي بقي مسمى لهذا المنصب دون تمكينه من تفعيل المجلس لسبب بسيط وهو أنه ليس من ( فتح) ، وغير موال للرئيس عرفات ، أراد يخلف أن يزفّ نبأ تنصيبه رئيساً ويعمّمه في الآفاق إذ لا يجوز أن يتم الأمر الجلل ، والحدث الثقافي الكبير على السكّيت فموّل ( عرسه) الإشهاري في القاهرة من مال الشعب الفلسطيني ، وسمعة الحركة الثقافية الفلسطينية ، ودعا عدداً من الأشخاص الفلسطينيين وزوجاتهم وتوّجه وإيّاهم إلى القاهرة حيث من هناك زفّت البشائر للشعب الفلسطيني ، والحركة الثقافية الفلسطينية والعربية بالمنجز التاريخي ، وفي الفترة الممتدة من 24إلى 26 تموز الماضي . منذ عام 94 والسيد يحي يخلف يشغل منصب وكيل وزير الثقافة في السلطة ، وهو يسافر ( درجة أولى) بمعدّل مرتين في الشهر ، ناهيك عن تكاليف المهمات والوجاهة ، فهو ( vip) والناس مقامات ، بما فيهم الكاتب ( الثوري) !... فماذا يا ترى أنجز وكيل وزير ثقافة السلطة على مدى ثمانية أعوام ؟ سأضع أمام الكتّاب ،والفنانين ،والمثقفين ،والمفكرين ،الفلسطينيين بعض الحقائق . يحي يخلف كاتب كان يفترض فيه أن يخدم الثقافة الفلسطينية داخل الوطن وفي المنافي ، وان المسؤولية تقع عليه وليس على وزير الثقافة والإعلام . لقد اتصلت مراراً وتكراراً بالسيد يحيى كونه وكيل وزير الثقافة ، تماماً كما فعل غيري من الكتّاب والمثقفين الفلسطينيين لإنجاز مشاريع تخدم الحركة الثقافية الفلسطينية التي يفترض أنها في حالة صدام مع المشروع الصهيوني ..ولكن شيئاً لم يتحقق بحجة عدم توفّر ( موازنة) ! ولكن الموازنة كانت متوفّرة للسفر الدائم ، وتذاكر الدرجة الأولى ، ومصاريف المهمات !. والسيد يحي لم يقم بواجبه البتة تجاه كبار المبدعين الفلسطينيين ، مع أنه في ( وظيفة ) تقتضي ذلك ، لا بصفته الشخصية . هنا سأضرب أمثلة قليلة من أمثلة كثيرة : لقد اتصلت به مراراً ، وبإلحاح للعمل على طباعة أعمال الشاعر الكبير الراحل فوّاز عيد ، ولكنه وعد كثيراً ولم يف بوعده ناهيك عن عدم تقديم مساعدة لأسرة فوّاز وهو ما دفع بعض الأصدقاء ـ وأنا منهم ـ للعمل على طباعة أعمال الشاعر الكبير فوّاز عيد وإصدارها عن المؤسسة العربية . ولقد تكرّر الأمر نفسه مع أعمال الشاعر الشهيد علي فودة الذي ضحّى بشبابه في معركة بيروت 82 ، وهو ما دفعنا للعمل على الدفع بأعمال علي فودة ، وبعد إحدى وعشرين سنة على استشهاده لتصدر قريباً عن المؤسسة العربية بكرم من مدير الدار الذي تبنّى صدورها تكريماً للشعر والشهادة . ولم يفعل السيد وكيل وزير الثقافة شيئاً للروائي والقاص والمترجم أحمد عمر شاهين ، لا طباعة ، ولا تكريماً ، وحتى أنه وقد انشغل في عرس منصبه الجديد لم يفكّر حتى بزيارة قبر أحمد عمر شاهين المدفون في القاهرة !. ثمّ نعود إلى ( عرس ) القاهرة . ما أهمية هذا الملتقى ، أو الاحتفال ، وما ضرورته ؟! فقط أمر شخصي بحت وهو تنصيب يحيى على سدّة الرئاسة ، والاستيلاء على مكتب المجلس في القاهرة ، ونسج علاقات رسمية في القاهرة ، وغير القاهرة ، وبخاصة مع منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية والحصول منها على أموال هدرت في ملتقى القاهرة لزوّار اصطحبوا زوجاتهم ، وقريباتهم وسكرتيراتهم للتفسح وطق الحنك والتسوّق . تتحدد جديّة أي مؤتمر بالغرض منه ، ونوعية الحضور ، وجديّة الجدل ، والقرارات ، أو الخطط ، و..التنفيذ . هنا سأتوقف عند نوعية الحضور فأقول بأن الحركة الثقافية الفلسطينية كانت غائبة تماماً ، أمّا بعض المثقفين المحترمين الذين حضروا فلهم مشكلة أرادوا حلّها مع وزير الثقافة الجديد والذي لا يعرفهم تتعلق بوظائفهم ، ومنهم من يعمل في منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 66 ..ومع ذلك يجد نفسه مهدداً بقطع راتبه !. هنا لا بدّ من توجيه أسئلة سريعة للسيد رئيس المجلس الأعلى للتربية والثقافة يحيى يخلف : أنت دعوت الدكتور أحمد أبو مطر من ( أوسلو) للإسهام في وضع إستراتيجية للثقافة الفلسطينية ، وهو معاد للعروبة ، والكفاح المسلّح ، وحق العودة ، ويسخّر حنجرته لشتم كل القيم والمبادئ والمحرمات على فضائية ( الجزيرة) حتى بات الصوت النشاز في شتم المقاومة العراقية ، والتطاول على جمال عبد الناصر ، فلماذا لم تبادر لدعوة ( علي سالم) لمؤتمرك الثقافي الاستراتيجي يا سيد يحي ؟! أنت دعوت أقارب ، نعم أقارب وقريبات بتذاكر سفر على نفقة الشعب الفلسطيني ، فهل أنت ذاهب على عرس أم إلى مؤتمر ؟ولماذا تعقد هذا ( العرس) في القاهرة ؟ أما كان الأجدى أن تشمّوا الهواء في ( شرم الشيخ) مثلاً ، او طابا ؟! لقد دعوت مخبراً فصل من وزارة داخلية السلطة لتزويره أوراق شخصية ، واتهامه ببيع طفل فلسطيني لأسرة أجنبية وتسهيل تهريبه من مناطق السلطة ، فهل هذه هي الثقافة الثورية ؟ وهل هذا هو الدور الأخلاقي للمثقف ؟!. وأنت دعوت فيصل درّاج صاحب كتاب بؤس الثقافة في المؤسسة الفلسطينية ، وهو جعل من نفسه ثورياً في كتابه البائس ذاك ، علماً أنه هرب من بيروت عام 82 رغم ادعائه بأنه مثقف ( غرامشي) عضوي وثوري جذري ، فهل بمثل هذا المتقلّب المواقف والولاءات توضع الاستراتيجية الثقافية الثورية ؟!. أنت استضفت في ( احتفالك) الشخصي المموّل من مال الشعب الفلسطيني أشخاصاً من ال48 بلغ بهم النفاق أنهم ذهبوا مع ( شوفاني) رجل الدين الفلسطيني لزيارة معتقلات اليهود في أوروبا ، وكأنهم يعتذرون للكيان الصهيوني ، في حين تتناثر أشلاء ضحايانا يومياً في قطاع غزّة ، والضفة ، ويذوي ألوف الفلسطينيين في( أوشفيتزات) شارون ، وموفاز ، وبقية عصابة الشر ، وأعمدة الإجرام . وهؤلاء لم يفكّروا بإقامة نصل لمن ذبحوا في ( الطنطورة) القريبة على حيفا ، ولا لمن ذبحوا في ( دير ياسين) ولا لمن ذبحوا في ( صبرا وشاتيلا) ، أفبمثل هؤلاء تريد أن تضع إستراتيجية ثقافية ثورية ؟ . لقد دوّختك المناصب يا يحيى ، وأفقدتك توازنك ، وهي مناصب استوليت عليها فقط لأنك تنتمي لحركة فتح ، فهل أذكّرك كيف ارتضيت لنفسك أن توضع في مواجهة زيتونة فلسطين ؟ افخر بأنني من أطلق عليه هذا اللقب ، وعلى صفحات شؤون فلسطينية عندما كان يرأسها المفكر والباحث الكبير الدكتور أنيس صايغ العلم الشعري والنضالي عبد الكريم الكرمي ( أبو سلمى) لأنه ليس من فتح ، ولأن بعض قادة فتح لا يرتاحون له ، وأن ( تنصّب) أمينا عاماً لاتحاد الكتّاب الفلسطينيين في مؤتمر فندق البوريفاج ، الذي حوصر بالراجمات ، وحاملات الرشاشات الثقيلة ، والذي صمدنا فيه للتزوير ، اقصد ناجي العلي ، وحنّا مقبل وأنا وبعض الأصدقاء ... إنني ألوم صديقي المفكر الدكتور أحمد برقاوي ، وصخر أبو فخر ، الذين استدرجا إلى هذا الحفل التزويري ، والذي هو ( فضيحة) لمن اعتادوا على الكسب ، والتبذير ، ووضع أنفسهم في خدمة مشروع سياسي دمّر القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ، وناصب المثقفين الفلسطينيين العداء لجهل القائمين عليه ... وبعد ، فلدي الكثير مّما يقال ويكتب ، ولكنني أرجأه إلى وقته ، فأنا والله اكتب ما أكتب وقلبي يتفطّر حزناً لأن الفساد السياسي قد وجد تعبيراته في فساد ثقافي ، ولأن من وقف في ( المجلس المركزي) وهو لا يتمتع بعضويته ، والذي عقد جلسته لبحث إقرار منصب رئيس وزراء للسلطة ، فاندفع وسط دهشة الحاضرين ليطلب الكلام ، ثمّ ليرشح ( أبو مازن) لمنصب رئيس للوزراء ، ما كان يفكر بغير الفوز بمنصب وزير للثقافة وفي حكومة ( أبو مازن) ، الذي رغم ذلك لم يمنحه ما يشتهي ! . لم يكن عبد الرحيم محمود وزيراً ، كان معلماً في ثانوية النجاح بنابلس . لم يكن غسان كنفاني وزيراً كان معلماً في مدارس اللاجئين ، ثمّ صحفياً وكاتباً و..معلمّاً وعلماً . لم يكن ناجي العلي يرضى لنفسه أن يحسب على أصحاب المناصب بل كان مثقفاً ثورياً أعطى فنه وحياته لشعبه ، وها هو حي وأصحاب المناصب يندثرون مع مناصبهم . ثمّ ماذا ؟ لقد كلّفت الأيام الثلاثة ، أو الأربعة ، في القاهرة تذاكر ، ومصروفات ، ومهمات سفر كانت تكفي لطباعة عشرات الكتب ، ومساعدة اسر بعض الكتّاب والشعراء الذين رحلوا في السنوات الأخيرة ... ولكن المحتفين بأنفسهم ، والدائخين في حب المناصب ، في طريق غير طريقنا ، أمّا فلسطين فستبقى لأبنائها وبناتها الأوفياء ، الذين بالكلمة ، والتضحيات ، والإبداع ، والقبض على الجمر يستحقون أن يكونوا مثقفين ومبدعين ثوريين ، وهم الذين راكموا وما زالوا جيلاً إثر جيل إستراتيجية ثقافية ، هي إستراتيجية ثقافة فلسطين في العقل والوجدان العربي... وكم أود ، ومن كل قلبي ، أن يهتدي ، ويعيد الحساب من تهمه سمعته ، ومن يريد دوراً لامنصباً |