لقاء مع وزير العدل ناهض الريس

* استقالتي لازالت قائمة ...و لا صلاحيات لدي لاصلاح الامور      *الأجهزة الأمنية أصبحت كل منها دولة فوق القانون

*هناك شبكات فساد في عدة مراكز قوى في السلطة وغير السلطة

نقلا عن صحيفة الرسالة

الرسالة/أمل الحجار/ شهدت الآونة الأخيرة اجتياحات متكررة للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية ، واستمرار تدمير المباني السكنية والتجارية ومقرات والمؤسسات الحكومية وتجريف الأراضى، واستمرار الحصار الخانق والاغلاق المتكرر مما انعكس سلبا على أداء الوزارات وحد من قدراتها على الإنجاز . فما زالت السلطة القضائية تعانى من إشكاليات مزمنة في جوانب كثيرة . فهي غير قادرة  على النهوض بمهامها واختصاصاتها كسلطة نزيهة ومستقلة وفاعلة إضافة إلى الخلاف بين مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل حول توزيع المهام والصلاحيات وبالتحديد حول دور وزارة العدل في تعيين وكلاء النيابة ومعاونيهم ،والإشراف الإداري على المحاكم وطواقمها الإدارية، وكذلك حول المسؤولية عن كل من دائرة التفتيش القضائي والمعهد القضائي، وغياب التفتيش القضائي على القضاة والمحاكم ، إضافة إلى عدم احترام السلطة التنفيذية لبعض قرارات المحاكم واستمر غياب أثر القضاء  عن حياة الناس. في هذا السياق كان "للرسالة " الحوار التالي مع وزير العدل ناهض الريس:

*بداية أنت قدمت استقالتك منذ فترة طويلة ولم نسمع للآن ماذا حدث بعد ذلك ، هل ظلت الاستقالة سارية المفعول؟

-الاستقالة ظلت معلقة وسبب تعليقها هذه المدة الطويلة هو أولا: أن مجلس الوزراء استمهلنى إلى أن يتم تعديل مادتين في قانون السلطة القضائية والمادة الأولى 47 تتحدث عن حق الإشراف الإداري لوزير العدل على جميع المحاكم ، أما الثانية فهى تقول: إن أعضاء النيابة يتبعون رؤساءهم ثم النائب العام ثم وزير العدل ولكن المجلس التشريعى لم يبت في ذلك أصلا على اعتبار أنه حتى هذه اللحظة لم يدرج ذلك على جدول أعماله .

ثانيا: بسبب اضطراب الأوضاع وانتقالها من سيئ إلى أسوأ إضافة إلى الفوضى الضاربة والتي أشعر أنها مدبرة والبعض له مصلحة كبرى فيها لكي تتاح الفرصة للمترصدين لكي يأتوا ويقولوا أنهم هم من سيعيد النظام للبلد، لذا بقيت كي لا أضيف إلى حالة الفراغ إضافة جديدة في هذا الوقت بالذات وانا لا زلت مصمما على الاستقالة.

*من برأيك وراء الفوضى المدبرة؟

-الفوضى التي تدبر هي جزء من المخطط العام للمنطقة، وأنا أستدل على ذلك بأن السياسة الأمريكية الموجهه صهيونيا في العراق تغرق العراق في الفوضى عن عمد كي تتاح الفرصة للذين نظمهم وجلبهم الأمريكان منذ سنوات لكي يأتوا في لحظة معينة وبمعونتهم يظهرون بمظهر المصلحين ومن يعيد النظام والهدوء إلى البلد ، وكما يجرى الأمر في العراق يجرى في فلسطين ، ولا أشك أن العقل الذي يدبر الصراع هناك هو الذي يدبره هنا ، لذا علينا الحذر من ذلك وممن يفعله مثيري الفوضى والاقتتال داخل الجبهة الداخلية.

*هل لك أن تطلعنا على أسباب استقالتك القائمة؟

-بسبب عدم إعطاء الصلاحية والسلطة لوزير العدل لكي يصلح الأمور ويعدل ما يجرى , وبسبب عدم تمكني من عمل شئ في ظل الحالة المتدهورة وترك العملاء يرقبون التدهور الأمني بفرح، بالإضافة إلى عدم وجود انسجام كاف مع بعض من يفترض أن تكون العلاقة العضوية قائمة بيني وبينهم.

**أزمة تداخل الصلاحيات

*هناك كثيرون ينتقدون بأن الجهاز القضائي يعانى من أزمة كبيرة بسبب تداخل الصلاحيات وضعف الإمكانيات، هل لك أن تطلعنا على حقيقة هذا الأمر؟

-الجهاز القضائي أول ما يعانى من تركيب مجلس القضاء الأعلى,  وثانيا: هناك تجاوز واجتناب المقاييس الدقيقة التي يجب على القضاء اختيارها من الأجهزة العدلية ، وعندما عينت في وزارة العدل أوائل كلية الحقوق أردت أن أضع مقياسا يكون هذه المرة هو التفوق العلمي للعضو وأردت أيضا أن يجتنب المسؤول التنفيذي المحسوبية وأخذ المنافع الشخصية على حساب المال والرأي العام.

وليس القضاء وحده مسؤولا عما يجرى في الحالة الأمنية ولو صلح لكان الأمر على غير ما هو حاصل الآن، ربما كان أقل,  أو كانت هناك سلطة قوية قادرة على أن تمسك بزمام الموقف وأن تمنع هذا التدهور.

*هل لازالت الأزمة قائمة بين الوزارة ومجلس القضاء الأعلى والنيابة؟

-نعم ،فتفسير مجلس القضاء الأعلى للمادتين اللتين ذكرتهما سابقا منافيا ومناقضا للقانون، فبالنسبة للمادة47 فسره مجلس القضاء الأعلى على أن إشراف وزير العدل على جميع المحاكم هو إشراف علوي إداري وليس تنفيذيا,  وكذلك المادة الثانية بقولهم أنه ليس هناك علاقة ما بين وزارة العدل والنيابة العامة.

الإصلاح و القضاء الفلسطيني

*هل تعتقد بأن المستوى السياسي يساهم في إضعاف السلطة القضائية من خلال عدم احترام قرارات المحاكم؟

-المشكلة هي في التركيب العام، فأحكام المحاكم واجبة التنفيذ بواسطة الأجهزة المكلفة بتنفيذها إضافة إلى استكبار الأجهزة الأمنية على القضاء واختصاصه ، فالمفترض في جانب عمل الأجهزة الأمنية أن تكون ضبطية قضائية أي التحري وراء الجريمة وضبط المتهمين والمشتبه بهم والحراسة ولكن الذي يحدث أن الأجهزة الأمنية أصبحت كل منها دولة وأصبحت لا تعمل كضبطيه قضائية ولكن كأجهزة حكم وسياسة واقتصاد وما إلى ذلك، وكل جهاز يعتقد نفسه محكمة وحكم وقاضى,  وهذا الكلام بدأ منذ البدايات حينما أخذ الضباط يحصلون الديون بالشيكات والكمبيالات عن طريق حبس المدين وإجباره على الدفع وبالتالي مقاسمة صاحب الدين فيما يتحصل من دينه وهكذا…

*هل ترى أن أثر القضاء الفلسطيني غاب من حياة الناس حيث عادوا للأحكام إلى لجان الإصلاح والقوانين العائلية والعشائرية؟

-نعم إلى حد ما ولكن أريد أن أضيف أن من أسباب الذهاب إلى القضاء العشائري هو مسألة الشلل الذي أصاب أجهزة الشرطة بعد تعرضها إلى التدمير المنهجي من قبل الإسرائيليين، مما أدى إلى عدم متابعة مشكلات الناس،بالإضافة إلى الشلل الذي أصاب الجهاز القضائي أيضا وكل ذلك سببه ضعف السلطة وقيام الإسرائيليين بتفكيك السلطة منهجيا بغض النظر عن وجود الفساد فيها أو عيب أو نقص، والمقصود هو إدخالنا في الفوضى,  لذا أضعفت السلطة وهذا الإضعاف نحن نرى كيف عواقبه على الأرض.

*هناك الكثير من القوانين التي أقرها المجلس التشريعي ولم يصادق عليها الرئيس،ترى ما هو السبب؟

-الرئيس معنى بمراجعة هذه القوانين بواسطة مراجعين مسندة إليهم هذه المهمة والتدقيق في الاعتبارات التي تهم الرئاسة ، ولكن المشكلة هنا في مسألة تدقيق ومراجعة هذه القوانين، وليس من قبيل رفضها كما قد يتبادر في ذهن البعض، وأريد أن أنوه إلى أن هناك قوانين وقعت حديثا، وقوانين لم يصادق عليها الرئيس.

*هناك استياء عام من أن بعض العملاء أو الذين ارتكبوا جرائم خطيرة لم ينفذ بهم الحكم ، برأيك ما هو السبب؟

-لا أستطيع أن أخمن الإجابة من عندي، ولكنني أريد أن أشير إلى أن القانون يقول ان أي عقوبة  إعدام تفرض من قبل المحكمة يجب أن يصادق عليها من قبل الرئيس ، وهذه المصادقة حدثت في مرات قليلة ، وذلك يرجع إلى الاعتبارات الكائنة لدى الرئيس نفسه ،ولكنني مع ايقاع العقوبة من أجل ردع كل من ينوى أو يريد الشروع في الإجرام، ومن أجل أن يحدث لدى الجمهور العام الإحساس بأن العدالة قد أخذت مجراها وأن كفتي الميزان رجحت .

*هناك قضايا خطيرة طرحت على المجلس التشريعي مثل قضية تهريب الأسمنت المصري ومع ذلك فإن النيابة لم تحقق في هذا الموضوع ما هو السبب في ذلك؟

-كما سمعنا وقيل لمجلس الوزراء فإن النيابة شرعت في التحقيق، والمجلس التشريعي لم يمارس منذ البداية آليات الرقابة ولم يحرك الأساسيات اللازمة لمواجهة قضايا الفساد، ولو مورست آليات الاستجواب وحجب الثقة في وقت مبكر لما تفاقم الحال على هذا النحو ، فهناك فساد مستشر على هيئة شبكات في عدة مراكز قوى في السلطة وغير السلطة كبعض الوزارات والمؤسسات والمجلس التشريعي وأجهزة الأمن وجمعيات المجتمع المدني،وهذا الأمر بحاجة إلى خطتين أولا: ضبطية قضائية نظيفة ليس لها مصلحة في وجود واستمرار الفوضى وثانيا: وجود مؤسسة قضائية جريئة ومحمية و لو محكمة واحدة تكون جاهزة لمواجهة حالات من هذا القبيل , ولكن يبدو ذلك أقرب الآن إلى الخيال منه إلى الحقيقة مادام الموقعون على القرار في كل مكان لا يريدون إصلاح الحال.

*هل ترى أن قضايا الفساد التي يطرحها المجلس التشريعي من حين لآخر لا تقابل بتعامل وتحقيق قوي من قبل الأجهزة الأمنية؟

-المجلس التشريعي تحدث عن قضيتين أولها قضية تهريب الأسمنت المصري وهذه أحيلت إلى النائب العام الذي والذي يفترض أنه يعمل الآن في التحقيق فيها وثانيها مسألة رئيس سلطة النقد وهذه رفعت إلى الرئيس عرفات الذي يفترض أن يعطى توجيها فيها.

الانتخابات و الفصائل وحرق ورقة أوسلو

*الآن نحن بصدد الانتخابات، فكيف سيكون الإطار القانوني  للانتخابات؟

-هناك لجنة في المجلس التشريعي تعمل على تعديل قانون انتخابات المجلس التشريعي لعام 95-96 ومسألة التعديل تتناول قضيتين كبريين,  أولهما مسألة هل يكون نظام الانتخابات فرديا أم بالقائمة,  أما التعديل الثاني فهو حول مطالبات بأن يكون للمرأة كوته مخصوصة لها بنسبة لا تقل عن 20%

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع