عمان - الحقائق - شاكر الجوهري
8/27/2004
"الحقائق" تنشر محضر لقائهما :
دحلان يريد خطف عرفات من المركزية وزيادة المقاعد الوزارية لقطاع غزة
أبو مازن يعتذر عن ترؤس حوار القاهرة ويؤجل التقاء الرئيس بانتظار انجازات دحلان
لم تحدث بعد مصالحة حقيقية بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والعقيد محمد دحلان وزير الشؤون الأمنية السابق في حكومة محمود عباس (أبو مازن) كما أن اللقاء بين عرفات وعباس مرشح لمزيد من التأجيل، وفقا لمصادر فلسطينية موثوقة ترى أن دحلان يعمل على خطف عرفات من اللجنة المركزية لحركة "فتح"..!.
بهذا، ومن واقع أدق المعلومات، تفسر مصادر "الحقائق" ما صرحت به مصادر مقربة من دحلان، يرجح أن تكون دحلان نفسه، من أن المناقشات التي اجراها مع عرفات تمثل مجرد فرصة للمصالحة.
وتؤكد مصادرنا أن عدم التوصل لأي مصالحة مؤسسة على تفاهم واتفاق مستقبلي هو ما يبرر عدم التقاء أبو عمار مع أبي مازن حتى الآن، وتكرر زيارات دحلان لمقر الرئيس المحاصر، وكذلك عدم حدوث مصالحة بين جبريل الرجوب مستشار الأمن القومي لعرفات وحليفه السابق، وخصمه الحالي محمد دحلان.
وتكشف أدق المصادر لـ"الحقائق" عن أن الرجوب فوجىء الإربعاء عندما فتح باب مكتب عرفات هاما بالدخول بوجود دحلان مع الرئيس، ما حدا به إلى التراجع وتكليف من همس في أذن الرئيس أن الرجوب يريد أن يراه على انفراد، فكان ان طلب الرئيس خروج الجميع، ليدخل الرجوب ويلتقي بالرئيس منفرداً.
ولكن، لم كل هذه المباحثات..؟
يتعلق الأمر، وفقا لذات المصادر، بالنوايا، كما يتعلق بالمطالب التي تقدم بها دحلان للرئيس.
فيما يخص النوايا، تبدي المصادر اعتقادها بأن عرفات لم يكن يريد أكثر من لقاء يتم امام شاشة التلفزة بينه وبين دحلان، ومعلومات يتم تسريبها عبر وسائل الإعلام بشأن اعلان دحلان السمع والطاعة، ليكرس عرفات بذلك انتصاره في مواجهات غزة التي خاضها أنصار دحلان ضد سلطته ورجاله.
وبالطبع، فإن حسابات دحلان شديدة الإختلاف عن حسابات عرفات، ذلك أنه تصرف بموجب اعتقاد يرى أن مواجهات غزة احرجت عرفات امام الرأي العام الفلسطيني والعربي، وكذلك امام المجتمع الدولي.. وعلى ذلك، فإن عرفات بات مستعدا لتقديم تنازلات تطلب منه، فماذا طلب دحلان..؟
وزراء غزة
"الحقائق" التي حصلت على نص محضر اللقاء الأول بين الرجلين تقول مصادرها إن دحلان تعمد التأخر عن الموعد الأول الذي حدد له لزيارة عرفات، ما جعل عرفات يهاتف روحي فتوح رئيس المجلس التشريعي الذي رافق دحلان من غزة إلى رام الله، بعد أن قام والدكتور رمزي خوري مدير مكتب عرفات، بدور عراب المصالحة، بناء على طلب مصري أثناء زيارته للقاهرة والتقائه مع دحلان هناك.
تقول المصادر إن عرفات استفسر في هذا الإتصال مع فتوح عن سبب تأخرهم في الوصول، وأبلغه أن هناك مائدة غداء معدة لهذه المناسبة.
بعد أن دخل دحلان وفتوح بقليل، دخلت الدكتورة حنان عشراوي عضو المجلس التشريعي حيث حضرت جانبا من اللقاء الذي بدأه فتوح بتوجيه سؤال للرئيس عن استكمال اجراءات اصدار مرسوم الإصلاح الذي طالبه المجلس التشريعي به. فأجاب الرئيس: "شوي علي". خلينا نسمع رأي دحلان في الأمر. وبدوره بدأ دحلان حديثه للرئيس قائلا: لا يجب أن تستمع إلى الأحاديث التي تصلك والتي تفيد بأن دحلان يريد أن يجلس مكان الرئيس.
أخي أبو عمار أنا أريد أن اواصل دوري جنديا في جيش الرئيس وهذه الحركة. وإذا كنت لا تريد ذلك سأكتب لك الآن تعهداً خطياً بأن أبقى في البيت.
الرئيس: لا بالعكس أنا اريدك وارحب بدورك في السلطة والحركة.
دحلان: أخ أبو عمار لكن أنا لدي بعض التحفظات وهي:
في الموضوع السياسي: لا يوجد لنا استراتيجية عمل سياسي واضحة وواحدة بينما العكس هو الموجود. لكل عضو في القيادة برنامج يخصه وهذا ما يجعل خطنا السياسي غير واضح وغير مفهوم من قبل الآخرين. وإن ما اطالب به أن يكون للسلطة خط سياسي واضح ومفهوم.
التشكيل الوزاري: التشكيل الوزاري الحالي غير متوازن جغرافيا وهناك ظلم واضح فيه لغزة. هناك 18 وزيراً للضفة و8 وزراء لغزة وهذا غير منصف.
التنظيم: التنظيم يحتاج إلى اعادة تنظيم وترتيب، وهو في حالة يرثى لها. وأنا أرى بأن يتم استكمال انتخابات المناطق التنظيمية.
نقد "المركزية"
في هذا السياق تم التطرق لشخص يدعى أبو عدي كان قد تحدث لقناة العالم في اليوم السابق عن دحلان، وقال بأنه سيتم التصدي لدحلان حتى لو قام الرئيس بتنصيبه في أي منصب رسمي.
وقد أبلغ دحلان الرئيس أن زكريا الزبيدي تحدث معه وابلغه أن لا علاقة لكتائب شهداء الأقصى بهذا الشخص وان الكتائب ستلاحقه. وقال دحلان إن الزبيدي تحدث مع سمير مشهراوي بهذا الخصوص، وقال أيضا إن ناصر جمعة اتصل به وابلغه نفس الكلام. فسأله الرئيس من هو أبو عدي.. فأجاب دحلان إنه "زلمة" هاني الحسن..!
في هذا السياق هاجم دحلان اللجنة المركزية امام الرئيس وقال له إن اللجنة المركزية تقوم باستغلالك، وقد اساءت إلى كوفيتك وإلى إسمك. وعليك أن تضع حداً لهم من خلال التعاون مع قواعد الحركة والتنظيم.
بعد ذلك، تؤكد المصادر أن لقاء تم بين دحلان وأحمد قريع رئيس الوزراء دار الحديث خلاله حول (عشرة اسماء) من غزة مرشحة لتسلم مناصب وزارية اهمهم سمير مشهراوي كمرشح لمنصب وزير الداخلية.
ويضيف المحضر الموجود في حوزة "الحقائق" أن دحلان هاجم امام عرفات بعض الوزراء بالإسم منهم جميل الطريفي ومحمد عبد العزيز أبو شريعة، وأكد أن المصالحة مع تيار أبو مازن يجب أن تكون جماعية وهو ما ينسجم مع قول سابق لأبي مازن حول نفس الموضوع.
تضيف المصادر أن دحلان التقى أبو مازن بعد انتهاء لقائه مع عرفات وابلغه بتوجه الرئيس للمصالحة مع تيارهما. فأبدى أبو مازن استعداده لأن يتخلى عن شرطه السابق بأن يعتذر أبو عمار له عبر التلفزيون إذا ما التزم أبو عمار برؤيا جديدة في العمل، وفقا لدحلان.
وتقول المصادر إن أبو عمار أبلغ دحلان بأنه على استعداد للتعاون في كل هذه الأمور، وطلب منه أن يتحدث مع المصريين للضغط على اسرائيل في موضوع الأسرى، "لأنهم ابلغونا بأن معركتهم في خطر". وطلب منه أن يعود مساء لينام عنده. وطلب من فيصل أبو شرخ قائد قوات 17، التي تتولى حراسته، أن يحضّر له الغرفة المجاورة لغرفة نوم الرئيس ليبلغه بما جرى مع أبو مازن وأبو علاء.
عدم استجابة عرفات
لكن مصادر "الحقائق" تؤكد أن عرفات لا يمكن أن يستجيب لمطالب دحلان باسناد وزارة الداخلية له أو للمشهراوي. كذلك فإن عرفات لا يمكن أن يستجيب لمطالب أبو مازن ـ دحلان بشأن الإتفاق معهما على خط سياسي يريدانه أن يكون منسجما مع المطالب الأميركية والمصرية والإسرائيلية. كما أن اقرار عرفات بمطالب دحلان المتعلقة باعتماد التعامل مع قواعد الحركة والتنظيم يعني تخليه عن اللجنة المركزية للحركة.. أي عن حلفائه ومصدر قوته لصالح منافسيه في التيار الآخر بقيادة عباس ـ دحلان، وهذا ما لا يمكن أن يفعله.
غير أن المصادر ترى أن عرفات يتعامل بجدية مع مطالب دحلان المتعلقة بزيادة عدد المقاعد الوزارية لقطاع غزة، تماما كما كان استجاب سابقا لمطالبة روحي فتوح، حليف دحلان، بضرورة اسناد رئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني لأحد نواب قطاع غزة، فكان ذلك من نصيبه. وتضيف المصادر أن عرفات يكون بذلك قد انتزع من يد دحلان ورقة مهمة يعمل على توظيفها حاليا في تعبئة اهالي القطاع ضد الرئيس.
ولأن أبو مازن، وهو خير من يعرف عرفات، يدرك مدى صعوبة ارغام الرئيس على التنازل، فإنه فضل تأجيل مصالحته إلى حين نجاح دحلان في التوصل إلى أسس المصالحة، وذلك كي يواصل ضغطه على عرفات، ولا يتحمل في ذات الوقت مسؤولية هذا الضغط. وفي هذا الإطار تؤكد مصادر "الحقائق" أن أبو مازن اعتذر عن ترؤس وفد "فتح" والسلطة للجولة المقبلة من الحوار الفلسطيني ـ الفلسطني في القاهرة، بعد أن كان يصر على ذلك، وهذا من قبيل تصعيد الضغوط على عرفات بهدف ارغامه على التسليم بوضع خط سياسي مستقبلي واضح يخضع فيه لمطالبات العواصم الإقليمية والدولية وخط أبو مازن ـ دحلان