صحيفة سعودية
:
أبومازن يتفاوض سراً مع
البرغوثي بواسطة محمد دحلان
شروط إسرائيلية للإفراج عن "بطل الانتفاضة" في خريف
2005
تجري حاليا اتصالات سرية بين رئيس اللجنة التنفيذية
لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس (أبومازن) ومروان البرغوثي "بطل
الانتفاضة"
الثانية "المتمرد الأول" على الاحتلال المعتقل في أحد السجون
الإسرائيلية، تتناول
خصوصا معركة انتخابات الرئاسة الفلسطينية المقبلة وشروط وقف العمليات
والهجمات
الفلسطينية ضد الإسرائيليين ومصير البرغوثي نفسه، في الوقت الذي أبلغت
حكومة أرييل
شارون جهات أوروبية بارزة أنها تضع ثلاثة شروط للإفراج عن البرغوثي
المحكوم عليه
إسرائيليا بالسجن المؤبد.
هذا ما كشفته لصحيفة "الوطن" السعودية في عددها
الصادر اليوم (الجمعة) مصادر دبلوماسية أوروبية وسياسية فلسطينية وثيقة
الاطلاع،
وأوضحت هذه المصادر أن الاتصالات بين البرغوثي وأبومازن تجري بواسطة
مسؤول الأمن
الوقائي في غزة سابقا وزير الأمن السابق العقيد محمد دحلان، إضافة إلى
شخصيات أخرى
قادرة على التحدث هاتفيا إلى البرغوثي أو زيارته في سجنه. وأكدت
المصادر أن هذه
الاتصالات تتناول الأمور الرئيسة الآتية.
أولاً: تخلي مروان البرغوثي أمين سر حركة فتح في
الضفة الغربية عن طرح نفسه مرشحاً منافساً لـ"أبومازن" إلى منصب رئيس
السلطة
الوطنية الفلسطينية في الانتخابات المقرر إجراؤها في 9 من يناير المقبل
وتخليه
أيضاً عن طلب دعم حركة فتح لترشيحه هذا.
ثانياً: يقوم البرغوثي بدلا من ذلك بإصدار بيان أو
باتخاذ موقف علني واضح يعلن فيه دعمه لترشيح "أبومازن" لخلافة الرئيس
الراحل ياسر
عرفات.
ثالثاً: في مقابل هذه المبادرة يتعهد أبومازن بإعطاء
الأولوية في اتصالاته المقبلة مع إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش ومع
الحكومة
الإسرائيلية لتأمين الإفراج في أقرب وقت ممكن عن البرغوثي وكذلك عن
سائر المعتقلين
الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وذكرت المصادر أن هذه الاتصالات بدأت بعد أن تم
التوصل إلى "تفاهم سري" داخل قيادة فتح على ترشيح "أبومازن" لمنصب رئيس
السلطة
الفلسطينية وبعد أن تم أيضاً التفاهم مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي
على عدم ترشيح
أي قيادي منهما لهذا المنصب.
وأكدت المصادر ذاتها لـ"الوطن" أن هذه الاتصالات
السرية بين "أبومازن والبرغوثي" تكتسب أهمية خاصة للأسباب الرئيسة
الآتية:
أولاً: إن هناك جهات فلسطينية عاتبة على القيادة
الفلسطينية في عهد ياسر عرفات لأنها لم تبذل جهودا كافية في الساحة
الدولية لمساعدة
البرغوثي أو لتأمين الإفراج عنه وأنه لم يصدر عن البرغوثي أي انتقاد
لهذه القيادة
بل انتقد أحد الأشخاص عنه قوله: "إن ياسر عرفات المحاصر والأسير
والمعزول غير قادر
على مساعدتي".
ثانياً: إن دعم البرغوثي لـ"أبومازن" يضمن له تحقيق
فوز كاسح في معركة الانتخابات الرئاسية المقبلة مما يمنحه شرعية شعبية
حقيقية، ذلك
أن مختلف استطلاعات الرأي العام في الساحة الفلسطينية تظهر أن مروان
البرغوثي (42
عاما) يتمتع بشعبية في صفوف الفلسطينيين أكبر وأوسع بكثير من الشعبية
التي يتمتع
بها "أبومازن" أو أحمد قريع (أبوعلاء) أو أي قيادي فلسطيني آخر اليوم.
إضافة إلى
ذلك فإن الفلسطينيين يعرفون أن البرغوثي قاوم الإسرائيليين وتفاوض
معهم، وأنه لعب
الدور الرئيس في تفجير انتفاضة الأقصى وأنه قائد "تنظيم" فتح والقائد
الفعلي لكتائب
شهداء الأقصى. وما يزيد من شعبية البرغوثي أنه كان قبل اعتقاله في
أبريل 2002م، من
أبرز دعاة مكافحة الفساد والرشوة والثراء غير المشروع في الساحة
الفلسطينية ومن
أقوى مؤيدي إجراء الإصلاحات في أجهزة السلطة الفلسطينية ومؤسساتها.
ثالثاً: سبق للبرغوثي أن لعب دورا خفيا فعالا وهو في
السجن في مساعدة "أبومازن" عندما كان رئيسا للحكومة في عام 2003م على
التوصل إلى
اتفاق لوقف القتال والعمليات بين السلطة الفلسطينية ومختلف التنظيمات
الفلسطينية
المسلحة المعارضة. لكن حكومة شارون هي التي نسفت هذا الاتفاق إذ إنها
واصلت
اعتداءاتها على المناطق الفلسطينية. والبرغوثي قادر وهو في السجن على
لعب دور فعال
ومؤثر لتحقيق هدنة أمنية ثابتة في الساحة الفلسطينية وعلى دعم جهود
القيادة
الفلسطينية الجديدة إذا كانت هناك فرصة حقيقية وجدية لتحقيق السلام
وتأمين مطالب
الشعب الفلسطيني الحيوية والأمنية.
رابعاً: أقارب مران البرغوثي ومن ضمنهم شقيقه عاطف
وزوجته فدوى وآخرون يشجعونه على ترشيح نفسه لمنصب رئيس السلطة
الفلسطينية لأن ذلك
سيؤدي في تقديرهم إلى ممارسة ضغوط دولية
على الحكومة الإسرائيلية للإفراج عنه. لكن
البرغوثي رفض حتى الآن تحديد موقفه النهائي من هذه القضية وهو موقف
سيتحدد في ضوء
نتائج اتصالاته السرية مع "أبومازن".
وفي هذا الإطار كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية وثيقة
الاطلاع لـ"الوطن" أن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا جهات أوروبية
بارزة أن هناك
احتمالا للإفراج عن مروان البرغوثي وحددوا الشروط الرئيسة الآتية
للإقدام على هذه
الخطوة المهمة:
أولاً: ليس وارداً أن يتم الإفراج عن البرغوثي في
هذه المرحلة لأن ذلك سيعطي زخماً جديداً قوياً للانتفاضة المسلحة ضد
الإسرائيليين
في الوقت الذي تسعى حكومة أرييل شارون إلى وقفها وإنهائها في أقرب وقت
ممكن.
ثانياً: يجب أن تتعاون القيادة الفلسطينية الجديدة
بشكل كامل مع حكومة شارون لتأمين الانسحاب الإسرائيلي من غزة في أفضل
الظروف.
ثالثاً: يجب أن يتم استئناف التعاون الأمني
والاستخباراتي بين الأجهزة الفلسطينية والإسرائيلية لضمان وقف أعمال
العنف والهجمات
وأن يقوم حوار سياسي بين الطرفين لتحقيق تقارب سلمي تدريجي وطي صفحة
الانتفاضة
نهائيا.
رابعاً: يمكن أن يتم الإفراج عن البرغوثي بعد إنهاء
الانسحاب الإسرائيلي من غزة خلال خريف 2005م وحين تتأكد الحكومة من
تصميم
الفلسطينيين على العيش بسلام مع إسرائيل.
|