وثيقة الإصلاح، التي قدمها المجلس التشريعي
للرئيس ياسر عرفات” في 16/5/2002
فيما يلي النص الكامل لـ”وثيقة الإصلاح” التي أنجزها “التشريعي”، وقام بتسليمها السيد أحمد قريع رئيس المجلس التشريعي إلى الرئيس ياسر عرفات.
إستمع المجلس التشريعي الفلسطيني، في جلسته العادية المنعقدة في كل من رام الله وغزة بتاريخ 15-16/5/2002، إلى الخطاب الهام الذي ألقاه السيد الرئيس ياسر عرفات، وما تضمنه من دعوة صريحة قوية لعملية الإصلاح الإداري والمالي، وتوجه المجلس التشريعي بحكم مسؤولياته التي نص عليها القانون في الرقابة والمساءلة والتشريع. وأجرى المجلس نقاشاً تقييمياً شاملاً للمرحلة السابقة وعملية النهوض بالأوضاع الناجمة عن ضعف البناء المؤسسي، وإحترام سيادة القانون والنتائج المترتبة على الإجتياح الإسرائيلي الدموي للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وما ألحقه هذا الإجتياح والحصار والإغلاق من دمار في المجتمع الفلسطيني ومؤسساته الحكومية والأهلية، وما أصاب الإقتصاد الفلسطيني من دمار في البنية التحتية وشل للعمل وتدمير للمؤسسات العامة والخاصة.
ويقدر المجلس التشريعي عالياً حجم التضحيات الجسام الذي قدمها شعبنا البطل عبر قوافل الشهداء الأبرار، والجرحى البواسل، والآلاف من أسرى الحرية الأبطال في سجون الإحتلال الإسرائيلي، وما تكبده شعبنا وسلطته الوطنية من خسائر مادية فادحة.
ويثمن المجلس التشريعي عالياً التلاحم الشعبي والوحدة الوطنية الفلسطينية، التي تجسدت عبر الشهور الماضية، والتي شكلت رافعة هامة من روافع الصمود البطولي لشعبنا أمام الهجمة البربرية الوحشية البشعة التي قامت بها قوات الإحتلال الإسرائيلي، والإلتفاف الجماهيري حول القيادة التاريخية لشعبنا بقيادة الأخ الرئيس أبو عمار، في مختلف الظروف وأحلكها وأدقها والذي تجلى خصوصاً في وجه الحصار الظالم الذي فرضته سلطات الإحتلال على الأخ الرئيس ياسر عرفات.
ويؤكد المجلس التشريعي على أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية، كضمانة أساسية لنضالنا العادل لتحقيق حقوقنا الوطنية المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ويدعو المجلس التشريعي، إلى المبادرة في عملية الحوار الوطني على قاعدة البرامج الوطنية المعتمدة من مؤسساتنا الشرعية ووحدانية السلطة وسيادة القانون في ظل التعددية السياسية، ويؤكد المجلس التشريعي، على إستعداده للمساهمة في هذا الحوار.
وقد كلف المجلس التشريعي اللجنة السياسية، لتقديم تقرير شامل حول التطورات السياسية المحيطة بالقضية الفلسطينية من جوانبها الوطنية والإقليمية والدولية، والحوار الوطني الفلسطيني، والمفاوضات لتقديمها للمجلس التشريعي في جلسة خاصة. وعلى ضوء ذلك فإن المجلس التشريعي في تقييمه للأوضاع الداخلية ومتطلبات التغيير والإصلاح قرر ما يلي:
السلطة الوطنية الفلسطينية والدولة:
بهدف تطوير وتفعيل مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وتحديث هيكلياتها وتقييم مَواطن الخلل فيها، وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وإرساء مبادئ الشفافية والمساءلة، فإن المجلس التشريعي يؤكد على جميع القرارات والقوانين التي إعتمدها وضرورة تنفيذها.
ولمتطلبات عملية إعادة البناء وتفعيل مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وإصلاح الخلل فيها، يؤكد المجلس على القضايا الأساسية التالية:
الباب الأول
الجانب الدستوري
القانون الأساسي:
المصادقة على القانون الأساسي وإصداره، وإلزام جميع مؤسسات وهيئات المجتمع الفلسطيني بإحترامه وتنفيذ أحكامه، بإعتباره المرجعية الأساسية لعمل السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها.
القوانين والتشريعات:
يرحب المجلس التشريعي بمصادقة السيد الرئيس ياسر عرفات، على قانون السلطة القضائية، ويطالب بوضعه موضع التنفيذ والتصديق على ما تبقى من القوانين المعتمدة من المجلس التشريعي، والمُحالة للسيد الرئيس، وتنفيذ القوانين المصادق عليها.
وضع جميع القوانين الفلسطينية المعتمدة والمصادق عليها في موضع التنفيذ وإلزام جميع مؤسسات السلطة الوطنية العمل وإحترام أحكامها.
يطالب المجلس التشريعي بإنشاء المحكمة الدستورية وعرض قانونها الخاص على المجلس التشريعي لإقراره.
الإنتخابات العامة:
تشمل العملية الإنتخابية جميع الهيئات التمثيلية، ومنها (الإنتخابات البرلمانية التشريعية، والهيئات المحلية والإتحادات والنقابات والمؤسسات القطاعية والخيرية وغيرها)
الإنتخابات العامة وإنتخابات المجالس المحلية:
-يطالب المجلس التشريعي تحديد موعد لإجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية العامة في مطلع العام القادم، وتكليف لجنة الإنتخابات المركزية الدائمة بالإعداد لها.
-إعادة النظر في قانون الإنتخابات على ضوء التجربة والواقع الجديد.
-تكليف لجنة إنتخابات الهيئات المحلية الإعداد لإجراء إنتخابات مجلس الهيئات المحلية وتحديد موعدها بما لا يتجاوز نهاية هذا العام.
-على جميع المؤسسات التمثيلية، كمؤسسات المجتمع المدني الإلتزام بإجراء الإنتخابات الدورية في مواعيدها، كالمؤسسات النقابية والمهنية والعمالية والخيرية والقطاعية وغيرها وفقاً لنظامها الخاص.
الحريات:
ضمان الحريات العامة والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني في مختلف مناحي الحياة، كما ورد في وثيقة الإستقلال والقانون الأساسي، والمعاهدات والمواثيق الدولية.
الباب الثاني
السلطة التنفيذية
مجلس الوزراء:
-تتشكل الحكومة، من عدد من الوزراء لا يزيد عددهم عن 19 وزيراً عملاً بالمادة (65) من القانون الأساسي، على أن يكونوا من ذوي الخبرة والكفاءة وليس بالضرورة أن يكونوا من أعضاء المجلس التشريعي.
-يعتبر المجلس التشريعي، الحكومة الحالية حكومة تسيير أعمال إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة خلال فترة أقصاها 45 يوماً.
-العمل على دمج وإلغاء بعض الوزارات القطاعية المتشابهة، والحد قدر المستطاع من إنشاء الإدارات المستقلة وإتباعها للوزارات.
-تقدم الحكومة الجديدة برنامجاً متكاملاً لعمل الحكومة في كافة مجالات المجلس التشريعي لنيل الثقة على أساسه.
-يتفرغ أعضاء الحكومة لتنفيذ برنامجها، وتعقد إجتماعاتها بشكل منفصل ومستقل عن إجتماعات القيادة السياسية.
-الإسراع في إعادة النظر وتحديث الهيكليات الإدارية والوصف الوظيفي للوزارات على ضوء التجربة السابقة، والعمل وفق خطط مستقبلية واضحة وتوفير الميزانيات اللازمة لتنفيذ أعمالها وبرامجه.
مالية السلطة الوطنية:
-التأكيد على أهمية ومركزية عمل وزارة المالية، ووضع حد نهائي لتعدد مصادر القرار فيها، وتعدد المرجعيات، وتنظيم ورقابة الجباية والموارد والإستثمارات في إطار الوزارة والتقيد بقانون تنظيم الموازنة العامة.
-الإلتزام بقانون الموازنة العامة السنوي، وإعادة النظر في هيكلية وزارة المالية بما يضمن وحدة القرار في الوزارة وتحديث عملها وتطويره.
-توحيد حسابات مالية السلطة في حساب الخزينة العامة وحصر جميع الإيرادات للممتلكات الحكومية والإستثمارية العائدة للسلطة ومؤسساتها، وتوريد جميع الإيرادات من الضرائب والرسوم والقروض والمنح وكل الأرباح والعوائد التي تعود على السلطة الوطنية الفلسطينية من إدارة أملاكها أو نشاطها، ولا يجوز تخصيص أي جزء من أموال الخزينة العامة أو الإنفاق منها لأي غرض، مهما كان نوعه، إلا وفق ما يقرره القانون.
-إخضاع موارد جميع المؤسسات الحكومية المستقلة كهيئة التبغ والبترول وغيرها، وجميع موجوداتها وعوائدها وأرباحها لإشراف وزارة المالية وفقاً للقانون.
-الحفاظ على أموال الصناديق الخاصة للمعاشات والصناديق المالية الأخرى لأغراضها المحددة وفقاً للقانون المنظم لها.
الأمن:
إعادة تنظيم هيكلية قوات الأمن العام والوطني وفقاً للأسس والمهام التالية: إن مهمة قوات الأمن العام والأمن الوطني تنحصر في:
-حماية أمن المواطن والممتلكات الخاصة والعامة.
-المحافظة على النظام العام وتنفيذ القانون.
-يتم إصدار قانون أو نظام يستند لما ورد في القانون الأساسي والقوانين ذات الصلة من مبادئ وأسس منظمة لعمل الأجهزة الأمنية، وشروط الإلتحاق بها وتحديد صلاحياتها واختصاصاتها بشكل يمنع التداخل والإزدواجية.
-تحدد مدة عمل رؤساء الأجهزة الأمنية بأربع سنوات.
-تقليص عدد الأجهزة الأمنية وتوحيد المتشابه الصلاحيات، وإخضاع الأجهزة الأمنية الفلسطينية لسلطة مدنية (وزير الداخلية) ورقابة المجلس التشريعي.
-تشكيل لجنة الأمن القومي كهيئة عليا للإشراف على المؤسسات والأجهزة الأمنية برئاسة السيد الرئيس.
-منع الأجهزة الأمنية ومسؤوليها من التدخل في العمل السياسي والإعلامي، إلا وفق القانون والإختصاصات المنصوص عليها.
-منع الأجهزة الأمنية أو مسؤوليها من العمل في أي مجال إقتصادي أو مدني، إلا ما يخولها به القانون.
-حظر إتصالات المؤسسة الأمنية مع الجانب الإسرائيلي، إلا في حدود التنسيق المتفق عليه في الإتفاقات المبرمة وبموجب تفويض من القيادة السياسية.
هيئة الرقابة العامة:
إعادة النظر في قانون هيئة الرقابة العامة لتحديد دورها ومسؤولياتها وصلاحياتها وعلاقاتها بمختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وتقديم تقاريرها السنوية والفصلية على المجلس التشريعي الفلسطيني، بما يعزز من فعاليتها وإستقلالها.
يطالب المجلس التشريعي السلطة التنفيذية بمساءلة ومحاسبة كل من أساء إستخدام المال العام.
الوظائف العليا للمؤسسات الحكومية المستقلة:
يخضع كل من رئيس هيئة الرقابة العامة، ورئيس ديوان الموظفين، ورئيس سلطة النقد، ورؤساء الهيئات العامة المستقلة غير المرتبطة بالوزارات الحكومية لمصادقة المجلس التشريعي، وذلك وفقاً للقانون الأساسي.
المحافظون:
إعداد لوائح وتنظيم خاص بالمحافظين، والتقسيمات الإدارية، وتحديد صلاحياتهم في حدود المحافظة، وتنظيم علاقة المحافظ بالأجهزة السيادية والإدارات المحلية، وتقييم مواقعهم على ضوء أدائهم.
ديوان الموظفين:
الإلتزام بما ورد من أحكام في قانون الخدمة المدنية بشأن دور ديوان الموظفين ومرجعيته وإختصاصه، وتطبيق أحكام القانون وخاصة الشق الإداري.
وقف أية تعيينات دائمة في السلطة إلى حين إعادة النظر في هيكلة الوزارات وإقرار لوائحها الداخلية.
الباب الثالث
السلطة القضائية
يرحب المجلس بمصادقة السيد الرئيس ياسر عرفات على قانون السلطة القضائية ويطالب بإصداره.
يرى المجلس ضرورة إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء وفقاً للقانون، لضرورة إنجاز خطة تفعيل القضاء وإستكمال بناءه مع الأخذ بعين الإعتبار القضايا الأساسية التالية:
-توحيد النظام القضائي الفلسطيني، وإعادة تشكيله على كافة الأراضي الفلسطينية وفقاً للقانون.
-تعزيز الجهاز القضائي بالموارد البشرية، وإعداد وتأهيل وتدريب الكادر القضائي.
-إستكمال إنشاء المحاكم الجديدة وفقاً للقانون وإستكمال الإحتياجات اللوجستية، بما فيها الأبنية والتجهيزات الإدارية والمكتبية وإعداد الأنظمة الضرورية.
-يطلب المجلس من الحكومة إستكمال إحالة رزمة القوانين القضائية، ليتمكن المجلس من إقرارها بأسرع وقت ممكن.
-يؤكد المجلس على ضرورة الإلتزام بإستقلال القضاء الفلسطيني وإحترام سيادة القانون وتنفيذ الأحكام والقرارات القضائية.
-رصد ميزانية خاصة للسلطة القضائية في إطار الموازنة العامة.
-يؤكد المجلس التشريعي على قراره السابق بإلغاء محكمة أمن الدولة.